وضعه الله سبحانه وتعالى لتحصيل مثل ذلك اللذة طريقا حلالا وسبيلا مشروعا فهذا ما يتعلق بوجه النظم.
المسألة الثانية: التداين تفاعل من الدين، ومعناه داين بعضكم بعضا، وتداينتم تبايعتم بدين، قال أهل اللغة: القرض غير الدين، لأن القرض أن يقرض الإنسان دراهم، أو دنانير، أو حبا، أو تمرا، أو ما أشبه ذلك، ولا يجوز فيه الأجل والدين يجوز فيه الأجل، ويقال من الدين أدان إذا باع سلعته بثمن إلى أجل، ودان يدين إذا أقرض، ودان إذا استقرض وأنشد الأحمر:
ندين ويقضي الله عنا وقد نرى * مصارع قوم لا يدينون ضيقا إذا عرفت هذا فنقول: في المراد بهذه المداينة أقوال: قال ابن عباس: أنها نزلت في السلف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث، فقال صلى الله عليه وسلم: " من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " ثم أن الله تعالى عرف المكلفين وجه الاحتياط في الكيل والوزن والأجل، فقال: * (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) *.
والقول الثاني: أنه القرض وهو ضعيف لما بينا أن القرض لا يمكن أن يشترط فيه الأجل والدين المذكور في الآية قد اشترط فيه الأجل.
والقول الثالث: وهو قول أكثر المفسرين: أن البياعات على أربعة أوجه أحدها: بيع العين بالعين، وذلك ليس بمداينة البتة والثاني: بيع الدين بالدين وهو باطل، فلا يكون داخلا تحت هذه الآية، بقي هنا قسمان: بيع العين بالدين، وهو ما إذا باع شيئا بثمن مؤجل وبيع الدين بالعين وهو المسمى بالسلم، وكلاهما داخلان تحت هذه الآية، وفي الآية سؤالات:
السؤال الأول: المداينة مفاعلة، وحقيقتها أن يحصل من كل واحد منهما دين، وذلك هو بيع الدين بالدين وهو باطل بالاتفاق.
والجواب: أن المراد من تداينتم تعاملتم، والتقدير: إذا تعاملتم بما فيه دين.
السؤال الثاني: قوله * (تداينتم) * يدل على الدين فما الفائدة بقوله * (بدين) *.
الجواب من وجوه الأول: قال ابن الأنباري: التداين يكون لمعنيين أحدهما: التداين بالمال، والآخر التداين بمعنى المجازاة، من قولهم: كما تدين تدان، والدين الجزاء، فذكر الله تعالى الدين لتخصيص أحد المعنيين الثاني: قال صاحب " الكشاف ": إنما ذكر الدين ليرجع الضمير إليه