السبيل والسآئلين وفي الرقاب وأقام الصلوة وءاتى الزكوة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأسآء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) *.
اعلم أن في هذه الآية مسائل:
المسألة الأولى: اختلف العلماء في أن هذا الخطاب عام أو خاص فقال بعضهم: أراد بقوله: * (ليس البر) * أهل الكتاب لما شددوا في الثبات على التوجه نحو بيت المقدس فقال تعالى: ليس البر هذه الطريقة ولكن البر من آمن بالله وقال بعضهم: بل المراد مخاطبة المؤمنين لما ظنوا أنهم قد نالوا البغية بالتوجه إلى الكعبة من حيث كانوا يحبون ذلك فخوطبوا بهذا الكلام، وقال بعضهم بل هو خطاب للكل لأن عند نسخ القبلة وتحويلها حصل من المؤمنين الإغتباط بهذه القبلة وحصل منهم التشدد في تلك القبلة حتى ظنوا أنه الغرض الأكبر في الدين فبعثهم الله تعالى بهذا الخطاب على استيفاء جميع العبادات والطاعات، وبين أن البر ليس بأن تولوا وجوهكم شرقا وغربا، وإنما البر كيت وكيت، وهذا أشبه بالظاهر إذ لا تخصيص فيه فكأنه تعالى قال: ليس البر المطلوب هو أمر القبلة، بل البر المطلوب هذه الخصال التي عدها.
المسألة الثانية: الأكثرون على أن * (ليس) * فعل ومنهم من أنكره وزعم أنه حرف، حجة من قال: إنها فعل اتصال الضمائر بها التي لا تتصل إلا بالأفعال كقولك: لست ولسنا ولستم والقوم ليسوا قائمين، وهذه الحجة منقوضة بقوله: إنني وليتني ولعل وحجة المنكرين أولها: أنها لو كانت فعلا لكانت ماضيا ولا يجوز أن تكون فعلا ماضيا، فلا يجوز أن تكون فعلا، بيان الملازمة أن كل من قال إنه فعل قال: إنه فعل ماض وبيان أنه لا يجوز أن يكون فعلا ماضيا اتفاق الجمهور على أنه لنفي الحال، ولو كان ماضيا لكان لنفي الماضي لا لنفي الحال وثانيها: أنه