العجل) * (البقرة: 93) أي حب العجل، ويقولون: الجود حاتم والشعر زهير، والشجاعة عنترة، وهذا اختيار الفراء، والزجاج، وقطرب، قال أبو علي: ومثل هذه الآية قوله: * (أجعلتم سقاية الحاج) * (التوبة: 19) ثم قال * (كمن آمن) * (التوبة: 19) وتقديره، أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن، أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن ليقع التمثيل بين مصدرين أو بين فاعلين، إذا لا يقع التمثيل بين مصدر وفاعل وثانيها: قال أبو عبيدة البر ههنا بمعنى الباء كقوله: * (والعاقبة للتقوى) * (طه: 132) أي للمتقين ومنه قوله: * (إن أصبح مائكم غورا) * (الملك: 30) أي غائرا، وقالت الخنساء: فإنما هي إقبال وإدبار (c) أي مقبلة ومدبرة معا وثالثها: أن معناه ولكن ذا البر فحذف كقولهم: هم درجات عند الله أي ذووا درجات عن الزجاج ورابعها: التقدير ولكن البر يحصل بالإيمان وكذا وكذا عن المفصل.
واعلم أن الوجه الأول أقرب إلى مقصود الكلام فيكون معناه: ولكن البر الذي هو كل البر الذي يؤدي إلى الثواب العظيم بر من آمن بالله، وعن المبرد: لو كنت ممن يقرأ القرآن بقراءته لقرأت * (ولكن البر) * بفتح الباء، وقرأ نافع وابن عامر * (ولكن) * مخففة * (البر) * بالرفع، والباقون * (لكن) * مشددة * (البر) * بالنصب.
المسألة السابعة: اعلم أن الله تعالى اعتبر في تحقق ماهية البر أمورا الأول: الإيمان بأمور خمسة أولها: الإيمان بالله، ولن يحصل العلم بالله إلا عند العلم بذاته المخصوصة والعلم بما يجب ويجوز ويستحيل عليه، ولن يحصل العلم بهذه الأمور إلا عند العلم بالدلالة الدالة عليها فيدخل فيه العلم بحدوث العالم، والعلم بالأصول التي عليها يتفرع حدوث العالم، ويدخل في العلم بما يجب له من الصفات العلم بوجوده وقدمه وبقائه، وكونه عالما بكل المعلومات، قادرا على كل الممكنات حيا مريدا سميعا بصيرا متكلما، ويدخل في العلم بما يستحيل عليه العلم بكونه منزها عن الحالية والمحلية والتحيز والعرضية، ويدخل في العلم بما يجوز عليه اقتداره على الخلق والإيجاد وبعثة الرسل وثانيها: الإيمان باليوم الآخر، وهذا الإيمان مفرع على الأول، لأنا ما لم نعلم كونه تعالى عالما بجميع المعلومات ولم نعلم قدرته على جميع الممكنات لا يمكننا أن نعلم صحة الحشر والنشر وثالثها: الإيمان بالملائكة ورابعها: الإيمان بالكتب وخامسها: الإيمان بالرسل، وههنا سؤالات:
السؤال الأول: إنه لا طريق لنا إلى العلم بوجود الملائكة ولا إلى العلم بصدق الكتب