قلنا: لما كان الإعلال في الأفعال لطلب الخفة، فكان ينبغي أن يجعل خفيفا ثم يترك على خفته فإن هذا أقرب إلى العقل.
الحجة التاسعة: أن قولك: أحسن لو كان فعلا، وقولك: زيدا مفعولا لجاز الفصل بينهما يا لظرف، فيقال: ما أحسن عندك زيدا، وما أجمل اليوم عبد الله، والرواية الظاهرة أن ذلك غير جائز، فبطل ما ذهبتم إليه.
الحجة العاشرة: أن الأمر لو كان على ما ذكرتم لكان ينبغي أن يجوز التعجب بكل فعل متعد مجردا كان أو مزيدا، ثلاثيا كان أو رباعيا، وحيث لم يجز إلا من الثلاثي المجرد دل على فساد هذا القول، واحتج البصريون على أن أحسن في قولنا، ما أحسن زيدا فعل بوجوه أولها: بأن أحسن فعل بالاتفاق فنحن على فعليته إلى قيام الدليل الصارف عنه وثانيها: أن أحسن مفتوح الآخر، ولو كان اسما لوجب أن يرتفع إذا كان خبرا لمبتدأ وثالثها: الدليل على كونه فعلا اتصال الضمير المنصوب به، وهو قولك: ما أحسنه.
والجواب عن الأول: أن أحسن كما أنه قد يكون فعلا، فهو أيضا قد يكون اسما، حين ما يكون كلمة تفضيل، وأيضا فقد دللنا بالوجوه الكثيرة على أنه لا يجوز أن يكون فعلا وأنتم ما طلبتمونا إلا بالدلالة.
والجواب عن الثاني: أنا سنذكر العلة في لزوم الفتحة لآخر هذه الكلمة.
والجواب عن الثالث: أنه منتقض بقولك: لعلي وليتني، والعجب أن الاستدلال بالتصغير على الإسمية أقوى من الاستدلال بهذا الضمير على الفعلية، فإذا تركتم ذلك الدليل القوي، فبأن تتركوا هذا الضعيف أولى، فهذا جملة الكلام في هذا القول.
القول الثاني: وهو اختيار الأخفش قال: القياس أن يجعل المذكور بعد كلمة * (ما) * وهو قولك: أحسن صلة لما، ويكون خبر * (ما) * مضمرا، وهذا أيضا ضعيف لأكثر الوجوه المذكورة منها أنك لو قلت: الذي أحسن زيدا ليس هو بكلام منتظم، وقولك: ما أحسن زيدا كلام منتظم وكذا القول في بقية الوجوه.
القول الثالث: وهو اختيار الفراء: أن كلمة * (ما) * للاستفهام وأفعل اسم، وهو للتفضيل، كقولك: زيد أحسن من عمرو، ومعناه أي شيء أحسن من زيد فهو استفهام تحته إنكار أنه وجد شيء أحسن منه، كما يقول من أخبر عن علم إنسان فأنكره غيره فيقول هذا المخبر: ومن أعلم من فلان؟ إظهارا منه ما يدعيه منازعه على خلاف الحق، وأن لا يمكنه إقامة الدليل عليه ويظهر