بذكاتها وثالثها: أن حمل الخبر على ما ذكرت من إيجاب ذكاته إذا خرج حيا تسقط فائدته، لأن ذلك معلوم قبل وروده ورابعها: ما روي عن أبي سعيد أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الجنين يخرج ميتا، قال: إن شئتم فكلوه، فإن ذكاته ذكاة أمه، وأما القياس فمن وجوه أحدهما: أنا أجمعنا على أن من ضرب بطن امرأته فماتت وألقيت جنينا ميتا، لم ينفرد الجنين بحكم نفسه، ولو خرج الولد حيا ثم مات انفرد بحكم نفسه دون أمه في إيجاب الغرة، فكذلك جنين الحيوان إذا مات عن ذبح أمه وخرج ميتا، كان تبعا للأم في الذكاة، وإذا خرج حيا لم يؤكل حتى يذكى وثانيها: أن الجنين حال اتصاله بالأم في حكم عضو من أعضائها فوجب أن يحل بذكاتها كسائل الأعضاء وثالثها: الواجب في الولد أن يتبع الأم في الذكاة، كما يتبع الولد الأم في العتاق والإستيلاد والكتابة ونحوها.
المسألة التاسعة: ما قطع من الحي من الأبعاض فهو محرم لأنه ميتة، فوجب أن يكون حراما إنما قلنا: إنه ميتة، للنص والمعقول، أما النص فقوله عليه الصلاة والسلام: " ما أبين من حي فهو ميت " وأما المعقول فهو أن ذلك البعض كان حيا لأنه يدرك الألم واللذة، وبالقطع زال ذلك الوصف فصار ميتا، فوجب أن يحرم لقوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة) * (المائدة: 3).
المسألة العاشرة: اختلفوا في أن ذبح ما لا يؤكل لحمه هل يستعقب طهارة الجلد، فعند الشافعي رضي الله عنه، لا يستعقبه، لأن هذا الذبح لا يستعقب حل الأكل فوجب أن لا يستعقب الطهارة كذبح المجوسي، وعند أبي حنيفة يستعقبه.
القسم الثاني: مما دخل في الآية وليس منها، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن قوله تعالى: * (إنما حرم عليكم الميتة والدم) * و * (حرمت عليكم الميتة) * لا يقتضي تحريم ما مات فيه من المائعات، وإنما يقتضي تحريم عين الميتة، وما جاور الميتة فلا يسمى ميتة، فلا يتناوله لفظ التحريم، كالسمن إذا وقعت فيه فأرة وماتت فإنه لا يتناولها، هذا الظاهر وجملة الكلام في هذا الباب تدور على فصلين أحدهما: أما الذي ينجس بمجاورته الميتة فيحرم، وأما الذي لا ينجس فلا يحرم والثاني: أن الذي ينجس كيف الطريق إلى تطهيره؟
المسألة الثانية: سأل عبد الله بن المبارك أبا حنيفة عن طائر وقع في قدر مطبوخ فمات، فقال أبو حنيفة لأصحابه: ما ترون فيها؟ فذكروا له عن ابن عباس: أن اللحم يؤكل بعد ما يغسل ويراق المرق، فقال أبو حنيفة بهذا نقول على شريطة إن كان وقع فيها في حال سكونها كما في هذه الرواية وإن كان وقع في حال غليانها: لم يؤكل اللحم ولا المرق، قال ابن المبارك: ولم ذاك؟ قال: لأنه