من منع منه لأنه إذا أطعم البازي ذلك فقد انتفع بتلك الميتة والآية دالة على تحريم الانتفاع بالميتة فاما إذا أقدم البازي من عند نفسه على أكل الميتة فهل يجب علينا منعه أم لا فيه احتمالان.
المسألة الخامسة: اختلفوا في دهن الميتة وودكها هل يجوز الاستصباح به أم لا، وهذا ينظر فيه فإن كان ذلك مما حلته الحياة، أو في جملته ما هو هذا حاله، فالظاهر يقتضي المنع منه وإن لم يكن كذلك فهو خارج من جملة الميتة، وإنما يحرم ذلك الدليل سوى الظاهر، وعن عطاء بن جابر قال لما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم مكة أتاه الذين يجمعون الأوداك، فقالوا يا رسول الله إنا نجمع الأوداك وهي من الميتة وغيرها وإنما هي للأديم والسفن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها " فنهاهم عن ذلك وأخبرهم بأن تحريمه إياها على الإطلاق أوجب تحريم بيعها كما أوجب تحريم أكلها.
المسألة السادسة: الظاهر يقتضي حرمة السمك والجراد إلا أنهما خصا بالخبر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، قال عليه الصلاة والسلام: " أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالجراد والنون وأما الدمان فالطحال والكبد " وعن جابر في قصة طويلة: أن البحر ألقى إليهم حوتا فأكلوا منه نصف شهر، فلما رجعوا أخبروا النبي عليه الصلاة والسلام بذلك فقال: هل عندكم منه شيء تطعموني، وقال عليه الصلاة والسلام في صفة البحر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وأيضا فإنه ثبت بالتواتر عن الرسول عليه الصلاة والسلام: حل السمك، واختلفوا في السمك الطافي وهو الذي يموت في الماء حتف أنفه، فقال مالك والشافعي رضي الله عنهما لا بأس به، وقال أبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح إنه مكروه واختلف الصحابة في هذه المسألة فعن علي رضي الله عنه أنه قال: ما طفا من صيد البحر فلا نأكله، وهذا أيضا مروي عن ابن عباس وجابر بن عبد الله، وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأبي أيوب إباحته، وروى أبو بكر الرازي روايات مختلفة عن جابر بن عبد الله أنه عليه الصلاة والسلام قال: " ما ألقى البحر أو جرد عنه فكلوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه " وأما الشافعي رضي الله عنه فقد احتج بالآية والخبر والمعقول، أما الآية فقوله تعالى: * (أحل لكم صيد البحر وطعامه) * (المائدة: 96) وهذا السمك الطافي من طعام البحر فوجب حله، وأما الخبر فقوله عليه الصلاة والسلام: " أحلت لنا ميتتان السمك والجراد " وهذا مطلق، وقوله في البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتة " وهذا عام وروي عن أنس رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: " كل ما طفا على البحر ".
المسألة السابعة: قال الشافعي وأبو حنيفة رضي الله عنهما: لا بأس بأكل الجراد كله ما أخذته