نهار فقد كفى، وقال أحمد: وقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة، ويمتد إلى طلوع الفجر من يوم النحر فإذا غربت الشمس دفع الإمام من عرفات وأخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء بالمزدلفة.
وفي تسمية المزدلفة أقوال: أحدها: أنهم يقربون فيها من منى والإزدلاف القرب والثاني: أن الناس يجتمعون فيها والاجتماع الإزدلاف والثالث: أنهم يزدلفون إلى الله تعالى أي يتقربون بالوقوف ويقال للمزدلفة: جمع لأنه يجمع فيها بين صلاة العشاء والمغرب، وهذا قول قتادة، وقيل إن آدم عليه السلام اجتمع فيها مع حواء، وازدلف إليها أي دنا منها، ثم إذا أتى الإمام المزدلفة: جمع المغرب والعشاء بإقامتين، ثم يبيتون بها، فإن يبت بها فعليه دم شاة، فإذا طلع الفجر صلوا صلاة الصبح بغلس والتغليس بالفجر ههنا أشد استحبابا منه في غيرها، وهو متفق عليه، فإذا صلوا الصبح أخذوا منها الحصى للرمي، يأخذ كل إنسان منها سبعين حصاة، ثم يذهبون إلى المشعر الحرام، وهو جبل يقال له قزح، وهو المراد من قوله تعالى: * (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * وهذا الجبل أقصى المزدلفة مما يلي منى، فيرقى فوقه إن أمكنه، أو وقف بالقرب منه إن لم يمكنه، وبحمد الله تعالى يهلله ويكبره، ولا يزال كذلك حتى يسفر جدا، ثم يدفع قبل طلوع الشمس ويكفي المرور كما في عرفة، ثم يذهبون منه إلى وادي محسر فإذا بلغوا بطن محسر فيستحب لمن كان راكبا أن يحرك دابته، ومن كان ماشيا أن يسعى سعيا شديدا قدر رمية حجر، فإذا أتوا منى رموا جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات ويقطع التلبية إذا ابتدأ الرمي، فإذا رمى جمرة العقبة ذبح الهدي إن كان معه هدي وذلك سنة لو تركه لا شئ عليه، لأنه ربما لا يكون معه هدي، ثم بعدما ذبح الهدي يحلق رأسه أو يقصر والتقصير أن يقطع أطراف شعوره، ثم بعد الحلق يأتي مكة ويطوف بالبيت طواف الإفاضة، ويصلي ركعتي الطواف، ويسعى بين الصفا والمروة، ثم بعد ذلك يعودون إلى منى في بقية يوم النحر وعليهم البيتوتة بمنى ليالي التشريق لأجل الرمي، واتفقوا على أنه متى حصل الرمي والحلق والطواف فقد حصل التحلل، والمراد من التحلل حل اللبس والتقليم والجماع، فهذا هو الكلام في أعمال الحج والله أعلم.
المسألة الخامسة: اعلم أن أهل الجاهلية كانوا قد غيروا مناسك الحج عن سنة إبراهيم عليه السلام، وذلك أن قريشا وقوما آخرين سموا أنفسهم بالحمس، وهم أهل الشدة في دينهم، والحماسة الشدة يقال: رجل أحمس وقوم حمس، ثم إن هؤلاء كانوا لا يقفون في عرفات، ويقولون