والباقون بالكسر، فالضم للاتباع، والكسر على أصل الحركة لإلتقاء الساكنين.
المسألة الثانية: اضطر: أحوج وألجئ، وهو افتعل من الضرورة، وأصله من الضرر، وهو الضيق.
المسألة الثالثة: لما حرم الله تعالى تلك الأشياء، استثنى عنها حال الضرورة، وهذه الضرورة لها سببان أحدهما: الجوع الشديد، وأن لا يجد مأكولا حلالا يسد به الرمق، فعند ذلك يكون مضطرا الثاني: إذا أكرهه على تناوله مكره، فيحل له تناوله.
المسألة الرابعة: أن الاضطرار ليس من أفعال المكلف، حتى يقال إنه * (لا إثم عليه إن الله غفور رحيم) * فإذن لا بد ههنا من إضمار وهو الأكل والتقدير: فمن اضطر فأكل فلا إثم عليه والحذف ههنا كالحذف في قوله: * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * (البقرة: 184) أي فأفطر فحذف فأفطر وقوله: * (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة) * (البقرة: 196) ومعناه فحلق ففدية، وإنما جاز الحذف لعلم المخاطبين بالحذف، ولدلالة الخطاب عليه.
أما قوله تعالى: * (غير باغ) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: قال الفراء * (غير) * ههنا لا تصلح أن تكون بمعنى الاستثناء، لأن غير ههنا بمعنى النفي، ولذلك عطف عليها لا لأنها في معنى: لا، وهي ههنا حال للمضطر، كأنك قلت: فمن اضطر باغيا، ولا عاديا فهو له حلال.
المسألة الثاني: أصل البغي في اللغة الفساد، وتجاوز الحد قال الليث: البغي في عدو الفرس اختيال ومروح، وأنه يبغي في عدوه ولا يقال: فرس باغ، والبغي الظلم والخروج عن الإنصاف ومنه قوله تعالى: * (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) * (الشورى: 39) وقال الأصمعي: بغي الجرح يبغي بغيا، إذا بدأ بالفساد، وبغت السماء، إذا كثر مطرها حتى تجاوز الحد، وبغي الجرح والبحر والسحاب إذا طغى.
أما قوله تعالى: * (ولا عاد) * فالعدو هو التعدي في الأمور، وتجاوز ما ينبغي أن يقتصر عليه، يقال عدا عليه عدوا، وعدوانا، واعتداء وتعديا، إذا ظلمه ظلما مجاوزا للحد، وعدا طوره: جاوز قدره.
المسألة الثالثة: لأهل التأويل في قوله: * (غير باغ ولا عاد) * قولان أحدهما: أن يكون قوله * (غير باغ ولا عاد) * مختصا بالأكل والثاني: أن يكون عاما في الأكل وغيره، أما على القول الأول ففيه وجوه الأول: * (غير باغ) * وذلك بأن يجد حلالا تكرهه النفس، فعدل إلى أكل الحرام