اللذيذ * (ولا عاد) * أي متجاوز قدر الرخصة الثاني: غير باغ للذة أي طالب لها، ولا عاد متجاوز سد الجوعة، عن الحسن، وقتاد، والربيع، ومجاهد، وابن زيد الثالث: غير باغ على مضطر آخر بالاستيلاء عليه، ولا عاد في سد الجوعة.
القول الثاني: أن يكون المعنى غير باغ على إمام المسلمين في السفر من البغي، ولا عاد بالمعصية أي مجاوز طريقة المحقين، والكلام في ترجيح أحد هذين التأويلين على الآخر سيجيء إن شاء الله تعالى.
أما قوله: * (فلا إثم عليه) * ففيه سؤالان أحدهما: أن الأكل في تلك الحالة واجب وقوله: * (لا إثم عليه) * يفيد الإباحة الثاني: أن المضطر كالملجأ إلى الفعل والملجأ لا يوصف بأنه لا إثم عليه، قلنا: قد بينا في تفسير قوله: * (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * (البقرة: 158) أن نفي الإثم قدر مشترك بين الواجب والمندوب والمباح، وأيضا فقوله تعالى: * (فلا إثم عليه) * معناه رفع الحرج والضيق، واعلم أن هذا الجائع إن حصلت فيه شهوة الميتة، ولم يحصل فيه النفرة الشديدة فإنه يصير ملجأ إلى تناول ما يسد به الرمق كما يصير ملجأ إلى الهرب من السبع إذا أمكنه ذلك، أما إذا حصلت النفرة الشديدة فإنه بسبب تلك النفرة يخرج عن أن يكون ملجأ ولزمه تناول الميتة على ما هو عليه من النفار، وههنا يتحقق معنى الوجوب.
أما قوله تعالى: في آخر الآية: * (إن الله غفور رحيم) * ففيه إشكال وهو أنه لما قال: * (فلا إثم عليه) * فكيف يليق أن يقول بعده: * (إن الله غفور رحيم) * فإن الغفران إنما يكون عند حصول الإثم.
والجواب: من وجوه أحدهما: أن المقتضى للحرمة قائم في الميتة والدم، إلا أنه زالت الحرمة لقيام المعارض، فلما كان تناوله تناولا لما حصل فيه المقتضى للحرمة عبر عنه بالمغفرة، ثم ذكر بعده أنه رحيم، يعني لأجل الرحمة عليكم أبحت لكم ذلك وثانيها: لعل المضطر يزيد على تناول الحاجة، فهو سبحانه غفور بأن يغفر ذنبه في تناول الزيادة، رحيم حيث أباح في تناول قدر الحاجة وثالثها: أنه تعالى لما بين هذه الأحكام عقبها بكونه غفورا رحيما لأنه غفور للعصاة إذا تابوا، رحيم بالمطيعين المستمرين على نهج حكمه سبحانه وتعالى.
النوع الثاني: من الكلام في هذه الآية المسائل الفقهية التي استنبطها العلماء منها وهي مرتبة على فصول: