منتهى للشهر، وأما اليوم بليلته فهو عبارة عن مفارقة نقطة من دائرة معدل النهار نقطة من دائرة الأفق، أو نقطة من دائرة نصف النهار وعودها إليها، فالزمان المقدر عبارة عن اليوم بليلتها، ثم أن المنجمين اصطلحوا على تعيين دائرة نصف النهار مبتدأ لليوم بليلته، أما أكثر الأمم فإنهم جعلوا مبادئ الأيام بلياليها من مفارقة الشمس أفق المشرق وعودها إليه من الغداة، واحتج من نصر مذهبهم بأن الشمس عند طلوعها كالموجود بعد العدم فجعله أولا أولى، فزمان النهار عبارة عن مدة كون الشمس فوق الأرض، وزمان الليل عبارة عن كونها تحت الأرض، وفي شريعة الإسلام يفتتحون النهار من أول وقت طلوع الفجر في وجوب الصلاة والصوم وغيرهما من الأحكام، وعند المنجمين مدة الصوم في الشرع هي زمان النهار كله مع زيادة من زمان الليل معلومة المقدار محدودة المبدأ، وأما الساعة فهي على قسمين: مستوية جزء من أربعة وعشرين من يوم وليلة، فهذا كلام مختصر في تعريف السنة والشهر واليوم والساعة.
فنقول: أما السنة فهي عبارة عن دورة الشمس فتحدث بسببها الفصول الأربعة، وذلك لأن الشمس إذا حصلت في الحمل فإذا تركت من هذا الموضع إلى جانب الشمال، أخذ الهواء في جانب الشمال شيئا من السخونة لقربها من مسامتة الرؤوس، ويتواتر الإسخان إلى أن تصل أول السرطان، وتشتد الحرارة ويزداد الحر ما دامت في السرطان والأسد لقربها من سمت الرؤوس، ويتواتر الإسخان، ثم ينعكس إلى أن يصل الميزان: وحينئذ يطيب الهواء ويعتدل، ثم يأخذ الحر في النقصان والبرد في الزيادة، ولا يزال يزداد البرد إلى أن تصل الشمس إلى أول الجدي، ويشتد البرد حينئذ لبعدها عن سمت الرؤوس، ويتواتر البرد ثم إن الشمس تأخذ في الصعود إلى ناحية الشمال، وما دامت في الجدي والدلو، فالبرد أشد ما يكون إلى أن تنتهي إلى الحمل، فحينئذ يطيب الهواء ويعتدل، وعادت الشمس إلى مبدأ حركتها وانتهى زمان السنة نهايته، وحصلت الفصول الأربعة التي هي الربيع والصيف والخريف والشتاء، ومنافع الفصول الأربعة وتعاقبا ظاهرة مشهورة في الكتب.
وأما الشهر فهو عبارة عن دورة القمر في فلكه الخاص وزعموا أن نوره مستفاد من الشمس وأبدا يكون أحد نصفيه مضيئا بالتمام إلا أنه عند الاجتماع يكون النصف المضئ هو النصف الفوقاني فلا جرم نحن لا نرى من نوره شيئا وعند الاستقبال يكون نصفه المضئ مواجها لنا فلا جرم نراه مستنيرا بالتمام، وكلما كان القمر أقرب إلى الشمس، كان المرئي من نصفه المضئ أقل وكلما كان