المستحق الرابع: ما يؤخذ تراضيا بمعاوضة وذلك حلال إذا روعي شرط العوضين وشرط العاقدين وشرط اللفظين؛ أعني الإيجاب والقبول مما يعتد الشرع به من اجتناب الشرط المفسد الخامس: ما يؤخذ بالرضا من غير عوض كما في الهبة والوصية والصدقة إذا روعي شرط المعقود عليه، وشرط العاقدين، وشرط العقد، ولم يؤد إلى ضرر بوارث أو غيره السادس: ما يحصل بغير اختياره كالميراث، وهو حلال إذا كان الموروث قد اكتسب المال من بعض الجهات الخمس على وجه حلال، ثم كان ذلك بعد قضاء الدين، وتنفيذ الوصايا، وتعديل القسمة بين الورثة، وإخراج الزكاة والحج والكفارة إن كانت واجبة، فهذا مجامع مداخل الحلال، وكتب الفقه مشتملة على تفاصيلها فكل ما كان كذلك كان مالا حلالا، وكل ما كان بخلافه كان حراما، إذا عرفت هذا فنقول: المال إما أن يكون لغيره أو له، فإن كان لغيره كانت حرمته لأجل الوجوه الستة المذكورة، وإن كان له فأكله بالحرام أن يصرف إلى شرب الخمر والزنا واللواط والقمار أو إلى السرف المحرم، وكل هذه الأقسام داخلة تحت قوله: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * واعلم أن سبحانه كرر هذا النهي في مواضع من كتابه فقال: * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة) * (النساء: 29) وقال: * (الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) * (النساء: 10) وقال: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) * (البقرة: 278) ثم قال: * (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) * ثم قال: * (وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم) * (البقرة: 279) ثم قال: * (ومن عاد فأولئك أصحاب النار فيها خالدون) * (البقرة: 275) جعل آكل الربا في أول الأمر مؤذنا بمحاربة الله، وفي آخره متعرضا للنار.
المسألة الثانية: قوله: * (ولا تأكلوا) * ليس المراد منه الأكل خاصة، لأن غير الأكل من التصرفات كالأكل في هذا الباب لكنه لما كان المقصود الأعظم من المال إنما هو الأكل وقع التعارف فيمن ينفق ماله أن يقال أنه أكله فلهذا السبب عبر الله تعالى عنه بالأكل.
المسألة الثالثة: * (الباطل) * في اللغة الزائل الذاهب، يقال: بطل الشئ بطولا فهو باطل، وجمع الباطل بواطل، وأباطيل جمع أبطولة، ويقال: بطل الأجير يبطل بطالة إذا تعطل واتبع اللهو.
أما قوله تعالى: * (وتدلوا بها إلى الحكام) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: الإدلاء مأخوذ من إدلاء الدلو، وهو إرسالك إياها في البئر للإستقاء يقال. أدليت دلوي أدليها إدلاء فإذا استخرجتها قلت دلوتها قال تعالى: * (فأدلى دلوه) * (يوسف: 19)، ثم جعل