الناس بالإثم وأنتم تعلمون) *.
اعلم أنهم مثلوا قوله تعالى: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم) * بقوله: * (وتلمزوا أنفسكم) * (الحجرات: 11) وهذا مخالف لها، لأن أكله لمال نفسه بالباطل يصح كما يصح أكله مال غيره، قال الشيخ أبو حامد الغزالي في كتاب الإحياء: المال إنما يحرم لمعنى في عينه أو لحال في جهة اكتسابه.
والقسم الأول: الحرام لصفة في عينه.
واعلم أن الأموال إما أن تكون من المعادن أو من النبات، أو من الحيوانات، أما المعادن وهي أجزاء الأرض فلا يحرم شئ منه إلا من حيث يضر بالأكل، وهو ما يجري مجرى السم، وأما النبات فلا يحرم منه إلا ما يزيل الحياة والصحة أو العقل، فمزيل الحياة السموم، ومزيل الصحة الأدوية في غير وقتها، ومزيل العقل الخمر والبنج وسائر المسكرات.
وأما الحيوانات فتنقسم إلى ما يؤكل وإلى ما لا يؤكل، وما يحل إنما يحل إذا ذبح ذبحا شرعيا ثم إذا ذبحت فلا تحل بجميع أجزائها بل يحرم منها الفرث والدم، وكل ذلك مذكور في كتب الفقه.
القسم الثاني: ما يحرم لخلل من جهة إثبات اليد عليه، فنقول: أخذ المال إما أن يكون باختيار المتملك، أو بغير اختياره كالإرث، والذي باختياره إما أن يكون مأخوذا من المالك كأخذ المعادن، وإما أن يكون مأخوذا من مالك، وذلك إما أن يؤخذ قهرا أو بالتراضي، والمأخوذ قهرا إما أن لسقوط عصمة الملك كالغنائم أو لاستحقاق الأخذ كزكوات الممتنعين والنفقات الواجبة عليهم، والمأخوذ تراضيا إما أن يؤخذ بعوض كالبيع والصداق والأجرة، وإما أن يؤخذ بغير عوض كالهبة والوصية فيحصل من هذا التقسيم أقسام ستة الأول: ما يؤخذ من غير مالك كنيل المعادن، وإحياء الموت، والاصطياد، والاحتطاب، والاستقاء من الأنهار، والاحتشاش، فهذا حلال بشرط أن لا يكون المأخوذ مختصا بذي حرمة من الآدميين الثاني: المأخوذ قهرا ممن لا حرمة له، وهو الفئ، والغنيمة، وسائر أموال الكفار المحاربين، وذلك حلال للمسلمين إذا أخرجوا منه الخمس، وقسموه بين المستحقين بالعدل، ولم يأخذوه من كافر له حرمة وأمان وعهد والثالث: ما يؤخذ قهرا باستحقاق عند امتناع من عليه فيؤخذ دون رضاه، وذلك حلال إذا تم سبب الاستحقاق، وتم وصف المستحق واقتصر على القدر