من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: نقل عن ابن عباس أنه قال: ما كان قوم أقل سؤالا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم سألوا عن أربعة عشر حرفا فأجيبوا.
وأقول: ثمانية منها في سورة البقرة أولها: * (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) * (البقرة: 186) وثانيها: هذه الآية ثم الستة الباقية بعد في سورة البقرة، فالمجموع ثمانية في هذه السورة والتاسع: قوله تعالى في سورة المائدة: * (يسألونك ماذا أحل لهم) * (المائدة: 4) والعاشر: في سورة الأنفال * (يسألونك عن الأنفال) * (الأنفال: 1) والحادي عشر: في بني إسرائيل * (يسألونك عن الروح) * (الإسراء: 85) والثاني عشر: في الكهف * (ويسألونك عن ذي القرنين) * (الكهف: 83) والثالث عشر: في طه * (ويسألونك عن الجبال) * (طه: 105) والرابع عشر: في النازعات * (يسألونك عن الساعة) * (النازعات: 42) ولهذه الأسئلة ترتيب عجيب: اثنان منها في الأول في شرح المبدأ فالأول: قوله: * (وإذا سألك عبادي عني) * (البقرة: 186) وهذا سؤال عن الذات والثاني: قوله: * (يسألونك عن الأهلة) * وهذا سؤال عن صفة الخلاقية والحكمة في جعل الهلال على هذا الوجه، واثنان منها في الآخرة في شرح المعاد أحدهما: قوله: * (ويسألونك عن الجبال) * والثاني: قوله: * (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) * (الأعراف: 187) ونظير هذا أنه ورد في القرآن سورتان أولهما: * (يا أيها الناس) * (البقرة: 21) أحدهما: في النصف الأول: وهي السورة الرابعة من سورة النصف الأول، فإن أولاها الفاتحة وثانيتها البقرة وثالثها آل عمران ورابعتها النساء وثانيتهما: في النصف الثاني من القرآن وهي أيضا السورة الرابعة من سور النصف الثاني أولاها مريم، وثانيتها طه، وثالثتها الأنبياء، ورابعتها الحج، ثم * (يا أيها الناس) * التي في النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ فقال * (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) * (النساء: 1) و * (يا أيها الناس) * التي في النصف الثاني تشتمل على شرح المعاد فقال: * (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم) * (الحج: 1) فسبحان من له في هذا القرآن أسرار خفية، وحكم مطوية لا يعرفها إلا الخواص من عبيده.
المسألة الثانية: روي أن معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم وكل واحد منهما كان من الأنصار