يقول تعالى ذكره: فاجتبى صاحب الحوت ربه، يعني اصطفاه واختاره لنبوته فجعله من الصالحين يعني من المرسلين العاملين بما أمرهم به ربهم، المنتهين عما نهاهم عنه.
وقوله: وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم يقول جل ثناؤه: وإن يكاد الذين كفروا يا محمد ينفذونك بأبصارهم من شدة عداوتهم لك ويزيلونك فيرموا بك عند نظرهم إليك غيظا عليك. وقد قيل: إنه عني بذلك: وإن يكاد الذين كفروا مما عانوك بأبصارهم ليرمون بك يا محمد، ويصرعونك، كما تقول العرب: كاد فلان يصرعني بشدة نظره إلي قالوا: وإنما كانت قريش عانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين فنظروا إليه ليعينوه، وقالوا: ما رأينا رجلا مثله: أو إنه لمجنون، فقال الله لنبيه عند ذلك: وإن يكاد الذين كفروا ليرمونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون. وبنحو الذي قلنا في معنى ليزلقونك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26903 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله: وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر يقول:
ينفذونك بأبصارهم من شدة النظر، يقول ابن عباس: يقال للسهم: زهق السهم أو زلق.
* - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ليزلقونك بأبصارهم يقول: لينفذونك بأبصارهم.
* - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم يقول: ليزهقونك بأبصارهم.
26904 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا معاوية، عن إبراهيم، عن عبد الله أنه كان يقرأ: وإن يكاد الذين كفروا ليزهقونك.
26905 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ليزلقونك قال: لينفذونك بأبصارهم.
26906 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله:
ليزلقونك بأبصارهم قال: ليزهقونك، وقال الكلبي ليصرعونك.