. يقول تعالى ذكره: فوقهم، يعني فوق هؤلاء الأبرار ثياب سندس. وكان بعض أهل التأويل يتأول قوله: عاليهم فوق حجالهم المثبتة عليهم ثياب سندس وليس ذلك بالقول المدفوع، لان ذلك إذا كان فوق حجال هم فيها، فقد علاهم فهو عاليهم.
وقد اختلف أهل القراءة في قراءة ذلك فقرأته عامة قراء المدينة والكوفة وبعض قراء مكة: عاليهم بتسكين الياء. وكان عاصم وأبو عمرو وابن كثير يقرءونه بفتح الياء، فمن فتحها جعل قوله عاليهم اسما مرافعا للثياب، مثل قول القائل: ظاهرهم ثياب سندس.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقوله: ثياب سندس يعني: ثياب ديباج رقيق حسن، والسندس: هو ما رق من الديباج.
وقوله: خضر اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأه أبو جعفر القارئ وأبو عمرو برفع خضر على أنها نعت للثياب، وخفض استبرق عطفا به على السندس، بمعنى:
وثياب إستبرق. وقرأ ذلك عاصم وابن كثير: خضر خفضا واستبرق رفعا، عطفا بالاستبرق على الثياب، بمعنى: عاليهم استبرق، وتصييرا للخضر نعتا للسندس. وقرأ نافع ذلك: خضر رفعا على أنها نعت للثياب واستبرق رفعا عطفا به على الثياب. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: خضر واستبرق خفضا كلاهما. وقرأ ذلك ابن محيصن بترك إجراء الاستبرق: واستبرق بالفتح بمعنى: وثياب استبرق، وفتح ذلك لأنه وجهه إلى أنه اسم أعجمي. ولكل هذه القراءات التي ذكرناها وجه ومذهب، غير الذي سبق ذكرنا عن ابن محيصن، فإنها بعيدة من معروف كلام العرب، وذلك أن الاستبرق نكرة، والعرب تجري الأسماء النكرة وإن كانت أعجمية، والاستبرق: هو ما غلظ من الديباج. وقد ذكرنا أقوال أهل التأويل في ذلك فيما مضى قبل، فأغنى ذلك عن إعادته ها هنا.
27788 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: الاستبرق:
الديباج الغليظ.
وقوله: وحلوا أساور من فضة يقول: وحلاهم ربهم أساور، وهي جمع أسورة من فضة.
وقوله: وسقاهم ربهم شرابا طهورا يقول تعالى ذكره: وسقى هؤلاء الأبرار ربهم شرابا طهورا، ومن طهره أنه لا يصير بولا نجسا، ولكنه يصير رشحا من أبدانهم كرشح المسك، كالذي