وقوله: يوم يسحبون في النار على وجوههم يقول تعالى ذكره: يوم يسحب هؤلاء المجرمون في النار على وجوههم. وقد تأول بعضهم قوله: في النار على وجوههم إلى النار. وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله يوم يسحبون إلى النار على وجوههم.
وقوله: ذوقوا مس سقر يقول تعالى ذكره: يوم يسحبون في النار على وجوههم، يقال لهم: ذوقوا مس سقر، وترك ذكر يقال لهم استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره.
فإن قال قائل: كيف يذاق مس سقر، أوله طعم فيذاق؟ فإن ذلك مختلف فيه فقال بعضهم: قيل ذلك كذلك على مجاز الكلام، كما يقال: كيف وجدت طعم الضرب وهو مجاز؟ وقال آخر: ذلك كما يقال: وجدت مس الحمى يراد به أول ما نالني منها، وكذلك وجدت طعم عفوك. وأما سقر فإنها اسم باب من أبواب جهنم وترك إجراؤها لأنها اسم لمؤنث معرفة.
وقوله: إنا كل شئ خلقناه بقدر يقول تعالى ذكره: إنا خلقنا كل شئ بمقدار قدرناه وقضيناه، وفي هذا بيان، أن الله جل ثناؤه، توعد هؤلاء المجرمين على تكذيبهم في القدر مع كفرهم به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25412 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا هشام بن سعد، عن أبي ثابت، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه، عن ابن عباس أنه كان يقول: إني أجد في كتاب الله قوما يسحبون في النار على وجوههم، يقال لهم: ذوقوا مس سقر لأنهم كانوا يكذبون بالقدر، وإني لا أراهم، فلا أدري أشئ كان قبلنا، أم شئ فيما بقي.
25413 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن زياد بن إسماعيل السهمي، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن أبي هريرة أن مشركي قريش خاصمت النبي (ص) في القدر، فأنزل الله إنا كل شئ خلقناه بقدر.
25414 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى وأبو كريب، قالوا: ثنا وكيع بن الجراح، قال: ثنا سفيان، عن زياد بن إسماعيل السهمي، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي، عن أبي هريرة، قال: جاء مشركو قريش إلى النبي (ص) يخاصمونه في القدر، فنزلت إن المجرمين في ضلال وسعر.