فإن قال قائل: وكيف تطوي الصحيفة بالكتاب إن كان السجل صحيفة؟ قيل: ليس المعنى كذلك، وإنما معناه: يوم نطوي السماء كطي السجل على ما فيه من الكتاب ثم جعل نطوي مصدرا، فقيل: كطي السجل للكتاب واللام في قوله للكتاب بمعنى على.
واختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الأمصار، سوى أبي جعفر القارئ:
يوم نطوي السماء بالنون. وقرأ ذلك أبو جعفر: يوم تطوي السماء بالتاء وضمها، على وجه ما لم يسم فاعله.
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قراء الأمصار، بالنون، لاجماع الحجة من القراء عليه وشذوذ ما خالفه. وأما السجل فإنه في قراءة جميعهم بتشديد اللام. وأما الكتاب، فإن قراء أهل المدينة وبعض أهل الكوفة والبصرة قرأوه بالتوحيد: كطي السجل للكتاب، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: للكتب على الجماع.
وأولى القراءتين عندنا في ذلك بالصواب: قراءة من قرأه على التوحيد للكتاب لما ذكرنا من معناه، فإن المراد منه: كطي السجل على ما فيه مكتوب. فلا وجه إذ كان ذلك معناه لجميع الكتب إلا وجه نتبعه من معروف كلام العرب، وعند قوله: كطي السجل انقضاء الخبر عن صلة قوله: لا يحزنهم الفزع الأكبر، ثم ابتدأ الخبر عما الله فاعل بخلقه يومئذ فقال تعالى ذكره: كما بدأنا أول خلق نعيده فالكاف التي في قوله: كما من صلة نعيد، تقدمت قبلها ومعنى الكلام: نعيد الخلق عراة حفاة غرلا يوم القيامة، كما بدأناهم أول مرة في حال خلقناهم في بطون أمهاتهم، على اختلاف من أهل التأويل في تأويل ذلك.
وبالذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل، وبه الخبر عن رسول الله (ص) فلذلك اخترت القول به على غيره. ذكر من قال ذلك والأثر الذي جاء فيه:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أول خلق نعيده قال: حفاة عراة غرلا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: أول خلق نعيده قال: حفاة غلفا. قال ابن جريج أخبرني إبراهيم بن