ليونس بن متى خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: هي ليونس بن متى خاصة، وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها ألم تسمع قول الله تبارك وتعالى فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين؟ فهو شرط الله لمن دعاه بها.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ننجي المؤمنين فقرأت ذلك قراء الأمصار، سوى عاصم، بنونين الثانية منهما ساكنة، من أنجيناه، فنحن ننجيه. وإنما قرأوا ذلك كذلك وكتابته في المصاحف بنون واحدة، لأنه لو قرئ بنون واحدة وتشديد الجيم، بمعنى ما لم يسم فاعله، كان المؤمنون رفعا، وهم في المصاحف منصوبون، ولو قرئ بنون واحدة وتخفيف الجيم، كان الفعل للمؤمنين وكانوا رفعا، ووجب مع ذلك أن يكون قوله نجى مكتوبا بالألف، لأنه من ذوات الواو، وهو في المصاحف بالياء.
فإن قال قائل: فكيف كتب ذلك بنون واحد، وقد علمت أن حكم ذلك إذا قرئ:
ننجي أن يكتب بنونين؟ قيل: لان النون الثانية لما سكنت وكان الساكن غير ظاهر على اللسان حذفت كما فعلو ذلك ب إلا، فحذفوا النون من إن لخفائها، إذ كانت مندغمة في اللام من لا. وقرأ ذلك عاصم: نجي لمؤمنين بنون واحدة، وتثقيل الجيم، وتسكين الياء. فإن يكن عاصم وجه قراءته ذلك إلى قول العرب: ضرب الضرب زيدا، فكنى عن المصدر الذي هو النجاء، وجعل الخبر أعني خبر ما لم يسم فاعله المؤمنين، كأنه أراد: وكذلك نجي النجاء المؤمنين، مكنى عن النجاء فهو وجه، وإن كان غيره أصوب، وإلا فإن الذي قرأ من ذلك على ما قرأه لحن، لان المؤمنين اسم على القراءة التي قرأها ما لم يسم فاعله، والعرب ترفع ما كان من الأسماء كذلك. وإنما حمل عاصما على هذه القراءة أنه وجد المصاحف بنون واحدة وكان في قراءته إياه على ما عليه قراءة القراء إلحاق نون أخرى ليست في المصحف، فظن أن ذلك زيادة ما ليس في المصحف، ولم يعرف لحذفها وجها يصرفه إليه.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة التي لا أستجيز غيرها في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، من قراءته بنونين وتخفيف الجيم، لاجماع الحجة من القراء عليها وتخطئتها خلافه. القول في تأويل قوله تعالى: