والشعير وسائر حبوب الأرض والبقول والثمار، وما يأكله الانعام والبهائم من الحشيش والمراعي.
وقوله: حتى إذا أخذت الأرض زخرفها يعني: ظهر حسنها وبهاؤها. وازينت يقول: وتزينت. وظن أهلها يعني: أهل الأرض أنهم قادرون عليها يعني: على ما أنبتت. وخرج الخبر عن الأرض، والمعنى للنبات، إذا كان مفهوما بالخطاب ما عنى به. وقوله: أتاها أمرنا ليلا أو نهارا يقول: جاء الأرض أمرنا يعني قضاؤنا بهلاك ما عليها من النبات إما ليلا وإما نهارا. فجعلناها يقول: فجعلنا ما عليها، حصيدا يعني مقطوعة مقلوعة من أصولها، وإنما هي محصودة صرفت إلى حصيد، كأن لم تغن بالأمس يقول: كأن لم تكن تلك الزروع والنبات على ظهر الأرض نابته قائمة على الأرض قبل ذلك بالأمس، وأصله: من غني فلان بمكان كذا، يغنى به: إذا أقام به، كما قال النابغة الذبياني:
غنيت بذلك إذ هم لي جيرة * منها بعطف رسالة وتودد يقول: فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهون به من دنياكم وزخارفها، فيفنيها ويهلكها كما أهلك أمرنا وقضاؤنا نبات هذه الأرض بعد حسنها وبهجتها حتى صارت كأن لم تغن بالأمس كأن لم تكن قبل ذلك نباتا على ظهرها. يقول الله جل ثناؤها: كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون يقول: كما بينا لكم أيها الناس مثل الدنيا وعرفناكم حكمها وأمرها، كذلك نبين حججنا وأدلتنا لمن تفكر واعتبر ونظر. وخص به أهل الفكر، لأنهم أهل التمييز بين الأمور والفحص عن حقائق ما يعرض من الشبه في الصدور.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: حتى إذا أخذت الأرض زخرفها... الآية: أي والله لئن تشبث بالدنيا وحدب عليها لتوشكن الدنيا أن تلفظه وتقضى منه.