هذه الأمة! إلا أنه لا يقول: لا مساس، ولكنه يقول: لا قتال " (1).
ويستفاد من هذا الحديث أن السامري كان رجلا منافقا، فإن توسل لإغواء الناس وإضلالهم ببعض المطالب والمقولات الصحيحة التي تعلمها سابقا، وهذا المعنى ينسجم والتفسير الثاني أكثر.
من الواضح أن جواب السامري عن سؤال موسى (عليه السلام) لم يكن مقبولا بأي وجه، ولذلك فإن موسى (عليه السلام) أصدر قرار الحكم في هذه المحكمة، وحكم بثلاثة أحكام عليه وعلى عجله، فأولا: قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس أي يجب عليك الابتعاد عن الناس وعدم الاتصال بهم إلى آخر العمر، فكلما أراد شخص الإقتراب منك، فعليك أن تقول له: لا تتصل بي ولا تقربني. وبهذا الحكم الحازم طرد السامري من المجتمع وجعله في عزلة تامة.
منزويا بعيدا عنهم!
قال بعض المفسرين: إن جملة لا مساس إشارة إلى أحد القوانين الجزائية في شريعة موسى (عليه السلام) التي كانت تصدر في حق من يرتكب جريمة كبيرة، وكان ذلك الفرد يبدو كموجود شرير نجس قذر، فلا يقربه أحد ولا يقرب أحدا (2). فاضطر السامري بعد هذه الحادثة أن يخرج من جماعة بني إسرائيل ويترك دياره وأهله، ويتوارى في الصحراء، وهذا هو جزاء الإنسان الذي يطلب الجاه ويريد إغواء جماعة عظيمة من المجتمع ببدعه وأفكاره الضالة، ويجمعهم حوله، ويجب أن يحرم مثل هذا ويعزل، ولا يتصل به أي شخص، فإن هذا الطرد وهذه العزلة أشد من الموت والإعدام على مثل السامري وأضرابه. لأنه يعامل معاملة النجس الملوث فيطرد من كل مكان.
وقال بعض المفسرين: إن موسى دعا على السامري ولعنه بعد ثبوت جرمه