ويبدو أن التفسير الثاني أقرب إلى الصواب، وكلمة " لعلي " الواردة في جملة لعلي أعمل صالحا يمكن أن تكون علامة على عدم اطمئنان هؤلاء المنحرفين من مستقبلهم، وأن الندامة نتيجة لظروف خاصة، تظهر حين موتهم، ولو عادوا إلى الدنيا لواصلوا أعمالهم ذاتها. وهذا هو عين الحقيقة.
3 3 - ما الذي تنفيه " كلا "؟
تأتي " كلا " في العربية بمعنى الحيلولة، وإبطال أثر أقوال المخاطب. وتقابل بالضبط كلمة " أي " التي تستخدم لتصديق الكلام.
وفي الجواب عن السؤال الوارد آنفا، قال البعض: إن " كلا " تنفي طلب الكفار الرجوع إلى الحياة الدنيا، أي إن طريق العودة مغلق، ولا يمكنكم العودة أبدا.
وقال البعض الآخر: إن هذه الكلمة جاءت لنفي ادعاءاتهم القائلة: لو عدنا إلى الدنيا لعوضنا ما فاتنا من أعمال صالحة، فيقال لهم: ما هذا إلا ادعاء باطل، ولو عدتم لواصلتم العمل بنفس نهجكم السابق.
ولا ضير في أن تكون هذه الكلمة - في الوقت ذاته - إشارة إلى نفي اثنين من المعاني. كما يجب ملاحظة أن هذا الطلب - رغم وروده في الآية محل البحث من قبل المشركين فقط - ليس خاصا بهم، بل هو طلب جميع المذنبين والظالمين والمنحرفين، إذ يندمون على ما فاتهم لحظة موتهم، حين يرون مصيرهم الأليم ماثلا لأعينهم، فيرجون الله ليعيدهم إلى الحياة الدنيا، إلا أن الله يزجرهم بقوله:
كلا.
3 4 - ما هو عالم البرزخ؟
وأين هو؟
وما هو الدليل لإثبات وجود هذا العالم بين الدنيا والآخرة؟
وهل يكون البرزخ للجميع، أم لمجموعة معينة؟