فسروها بما هي عليه من معنى لغوي عام، بكل نوع من الجهاد في سبيل الله والاستجابة له وممارسة أعمال البر والجهاد مع النفس (الجهاد الأكبر) وجهاد الأعداء والظلمة (الجهاد الأصغر).
نقل العلامة الطبرسي (رحمه الله) في " مجمع البيان " عن معظم المفسرين قولهم: إن القصد من " حق الجهاد " الإخلاص في النية والقيام بالأعمال لله خالصة. ولا شك في أن حق الجهاد له معنى واسع يشمل الكيف والنوع والمكان والزمان وسواها، ولكن مرحلة " الإخلاص في النية " هي أصعب مرحلة في جهاد النفس، لهذا أكدتها الآية، لأن عباد الله المخلصين فقط هم الذين لا تنفذ إلى قلوبهم وأعمالهم الوساوس الشيطانية، رغم قوة نفاذها وخفائها.
والقرآن المجيد يبدأ تعليماته الخمسة من الخاص إلى العام، فبدأ بالركوع فالسجود، وانتهى بالعبادة بمعناها العام الذي يشمل أعمال الخير والطاعات والعبادات وغيرها. وفي آخر مرحلة تحدث عن الجهاد والمساعي الفردية والجماعية باطنا وظاهرا، في القول والعمل، وفي الأخلاق والنية.
والاستجابة لهذه التعليمات الربانية مدعاة للفلاح.
ولكن قد يثار سؤال هو: كيف يتحمل الجسم النحيف هذه الأعمال من المسؤوليات والتعليمات الشاملة الوسعة؟ ولهذا تجيب بقية الآية الشريفة ضمنا عن هذه الاستفهامات، وان هذه التعليمات دليل الألطاف الإلهية التي منها سبحانه وتعالى على المؤمنين لتدل على منزلتهم العظيمة عنده سبحانه. فتقول الآية أولا:
هو اجتباكم.
أي حملكم هذه المسؤوليات باختياركم من بين خلقه.
والعبارة الأخرى قوله جل وعلا: وما جعل عليكم في الدين من حرج أي إذا دققتم جيدا لم تجدوا صعوبة في التكاليف الربانية لانسجامها مع فطرتكم التي فطركم الله عليها، وهي الطريق إلى تكاملكم، وهي ألذ من الشهد، لأن كل واحدة