المثل. وهذا المثل هو ضعف الذبابة من ناحية، وقدرتها على سلب ما لدى الأوثان، وعجز هذه الأوثان عن استرداد ما سلبه الذباب منها، وهذا المثل ضرب للمشركين من العرب، لكنه يعني الناس جميعا ولا يخص الأصنام، بل يعم جميع ما دون الله تعالى، من فراعنة ونماردة، ومطامع وأهواء، وجاه وثروة. فكلها ينطبق عليها المثل، فلو تكاتفوا وجمعوا عساكرهم وما يملكون من وسائل وطاقات، لما تمكنوا من خلق ذبابة، ولا من استعادة ما سلب الذباب منهم.
3 سؤال وجواب:
قد يقال: إن اختراعات العصر الحديث قد تجاوزت أهمية خلق ذبابة بمراتب كبيرة!
فوسائل النقل السريعة التي تسبق الريح وتقطع المسافات الشاسعة في طرفة عين، والأدمغة الألكترونية وأدق الأجهزة الحديثة بإمكانها حل المعضلات الرياضية بأسرع وقت ممكن، لا تدع قيمة لهذا المثل في نظر إنسان العصر.
وجواب ذلك هو أن صنع هذه الأجهزة - بلا شك - يبهر العقول، وهو دليل على تقدم الصناعة البشرية تقدما مدهشا، ولكنه يهون مقابل خلق كائن حي مهما كان صغيرا، فلو درسنا حياة حشرة كالذبابة ونشاطها البايولوجي بدقة، لرأينا أن بناء مخ الذبابة وشبكة أعصابها وجهاز هضمها أعلى بدرجات من أعقد الطائرات، وأكثر تجهيزا منها، ولا يمكن مقارنتها بها.
وما زال في قضية الحياة وإحساس وحركة المخلوقات أسرار غامضة على العلماء، وهذه المخلوقات وتركيبها البايولوجي، هي نفسها غوامض لم تحل بعد.
وقد ذكر علماء الطبيعة أن عيني هذه المخلوقات الصغيرة جدا، كالحشرات - مثلا - تتركب من مئات العيون! فالعينان اللتان تبدوان لنا اثنتين لا أكثر، هما مؤلفتان من مئات العيون الدقيقة جدا، ويطلق على مجموعها العين المركبة، فلو