يحشرون للحساب، وهو يوم القيامة (قال) الله تعالى له (فإنك من المنظرين) أي: المؤخرين (إلى يوم الوقت المعلوم) وقد فسرنا جميع ذلك فيما تقدم. (قال) إبليس (فبعزتك) أي: أقسم بقدرتك التي تقهر به جميع خلقك (لأغوينهم) يعني بني آدم كلهم (أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) أي: أدعوهم إلى الغي، وأزين لهم القبائح، إلا عبادك الذين استخلصتهم وآثرتهم وعصمتهم، فلا سبيل لي عليهم.
(قال فالحق والحق أقول (84) لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين (85) قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين (86) إن هو إلا ذكر للعلمين (87) ولتعلمن نبأه بعد حين (88)).
القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير الكسائي وهبيرة وروح وزيد عن يعقوب:
(قال فالحق) بالرفع. والباقون بالنصب.
الحجة: قال أبو علي: من نصب الحق الأول كان منصوبا بفعل مضمر، يدل انتصاب الحق عليه، وذلك الفعل هو ما ظهر في قوله (ويحق الله الحق بكلماته).
ويجوز أن ينتصب على التشبيه بالقسم، فيكون الناصب ما ينصب القسم من نحو:
الله لأفعلن، فيكون التقدير الحق لأملأن. وقد يجوز أن يكون الثاني الأول، وكرر على وجه التأكيد. ومن رفع كان محتملا لوجهين أحدهما: أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره أنا الحق والاخر: أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، تقديره فالحق مني كما قال: (الحق من ربك).
المعنى: ثم حكى سبحانه ما أجاب به إبليس، وأنه (قال) له (فالحق والحق أقول) أي: حقا (لأملأن). و (الحق أقول): اعتراض بين القسم والمقسم عليه. وجاز ذلك لأنه مما يؤكد القصة، كما قال الشاعر:
أراني، ولا كفران لله، آية * لنفسي لقد طالبت غير منيل (1) فاعترض بقوله (ولا كفران لله) بين المفعول الأول والثاني. ومن رفع فعلى