فاعبد وكن من الشكرين (66)).
القراءة: قرأ أهل الكوفة، غير حفص: (بمفازاتهم). والباقون:
(بمفازتهم). وقرأ أهل المدينة. (تأمروني) خفيفة النون، مفتوحة الياء. وقرأ ابن عامر: (تأمرونني) بنونين ساكنة الياء. وقرأ ابن كثير: (تأمروني) مشددة النون، مفتوحة الياء. والباقون: (تأمروني) مشددة النون، ساكنة الياء. وقرأ زيد عن يعقوب. (لنحبطن عملك). والباقون: (وليحبطن عملك).
الحجة: قال أبو علي: حجة الإفراد أن المفازة والفوز واحد، فإفراد المفازة كإفراد الفوز. وحجة الجمع أن المصادر قد تجمع إذا اختلفت أجناسها، ومثله في الإفراد والجمع على مكانتكم ومكاناتكم. وقوله (أفغير الله تأمروني أعبد) غير ينتصب على وجهين أحدهما: أعبد غير الله فيما تأمرونني والآخر: أن ينتصب بتأمرونني أي: أتامرونني بعبادة غير الله. فلما حذف أن ارتفع (أعبد) فصارت أن وصلتها في موضع نصب. ولا يجوز انتصاب (غير) بأعبد على هذا، لأنه في تقدير الصلة، فلا يعمل فيما تقدم عليه. فموضع أعبد، وأن المضمرة نصب على تقدير البدل من (غير)، كأنه قال: أبعبادة غير الله تأمروني. إلا أن الجار حذف كما حذف من قوله (أمرتك الخير). وصار التقدير بعد الحذف: أغير الله تأمروني عبادته. فأضمر المفعول الثاني للأمر. والمفعول الأول علامة المتكلم. وأن أعبد بدل من غير. ومثل هذا في البدل قوله: (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) أي:
ما أنساني ذكره إلا الشيطان.
وأقول في بيانه وشرحه: إن تقديره كان في الأصل أفبعبادة غير الله تأمرونني، ثم حذف الجار الذي هو الباء، فوصل الفعل فنصبه، فصار: أفعبادة غير الله تأمرونني. ثم حذف المضاف الذي هو عبادة، وأقيم المضاف إليه الذي هو (غير) مقامه، فصار: أفغير الله تأمرونني. ثم جعل (أعبد) الذي تقديره أن أعبده، وهو في معنى عبادته، بدلا من غير الله، وبيانا للمحذوف الذي هو عبادة في قوله أفبعبادة غير الله، فصار مثل قوله تعالى (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره).
ومن قال إن قوله (أعبد) في موضع نصب على الحال، فلا وجه لقوله. وأما على الوجه الأول، وهو أن يكون غير الله منصوبا بأعبد، فإنه يكون تأمروني اعتراضا