من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد (33) ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب (34) الذين يجدلون فئ آيات الله بغير سلطن أتهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار (35)).
القراءة: قرأ أبو عمرو وابن ذكوان وقتيبة: (على كل قلب) بالتنوين.
والباقون: (على كل قلب متكبر) على الإضافة. وفي الشواذ قراءة ابن عباس والضحاك وأبي صالح والكلبي: (يوم التناد) بتشديد الدال.
الحجة: قال أبو علي: من نون فإنه جعل المتكبر صفة لقلب، فإذا وصف القلب بالتكبر، كان صاحبه في المعنى متكبرا، فكأنه أضاف التكبر إلى القلب، كما أضيف الصعر إلى الخد في قوله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس). فكما يكون بتصعير الخد متكبرا، كذلك يكون بالتكبر في القلب متكبرا بجملة. وأما من أضافه، فقال (على كل قلب متكبر)، فلا يخلو من أن يقدر الكلام على ظاهره، أو يقدر فيه حذفا، فإن تركه على ظاهره، كان المعنى: يطبع الله على كل قلب متكبر أي:
يطبع على جملة القلب من المتكبر، وليس المراد أن يطبع على كل قلبه، فيعم الجميع بالطبع. إنما المعنى: إنه يطبع على القلوب إذا كانت قلبا قلبا. والطبع علامة في جملة القلب كالختم عليه، فإذا كان الحمل على الظاهر غير مستقيم، علمت أن الكلام ليس على ظاهره، وأنه حذف منه شئ، وذلك المحذوف إذا أظهرته، كذلك يطبع الله على كل قلب كل متكبر، فيكون المعنى يطبع على القلوب إذا كانت قلبا قلبا من كل متكبر، ويختم عليه. ويؤكد ذلك أن في حرف ابن مسعود فيما زعموا على قلب كل متكبر، وإظهار كل في حرفه، يدل على أنه في حرف العامة أيضا مراد. وحسن حذف كل، لتقدم ذكره كما جاز ذلك في قوله:
أكل امرئ تحسبين امرءا ونار توقد بالليل نارا (1)