الفقير ليكسب به الأجر والثواب.
واختلف في هؤلاء الذين قالوا ذلك فقيل: هم اليهود حين أمروا بإطعام الفقراء، عن الحسن. وقيل: هم مشركو قريش، قال لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أطعمونا من أموالكم ما زعمتم أنه لله، وذلك قوله: (هذا لله بزعمهم) عن مقاتل. وقيل: هم الزنادقة الذين أنكروا الصانع، تعلقوا بقوله (رزقكم الله) فقالوا: إن كان هو الرزاق فلا فائدة في التماس الرزق منا، وقد رزقنا وحرمكم، فلم تأمرون بإعطاء من حرمه الله.
(إن أنتم إلا في ضلال مبين) هذا من قول الكفار لمن أمرهم بالإطعام، عن قتادة. وقيل: إنه من قول الله تعالى لهم حين ردوا بهذا الجواب، عن علي بن عيسى. (ويقولون متى هذا الوعد) الذي تعدنا به من نزول العذاب بنا (إن كنتم صادقين) في ذلك أنت وأصحابك. وهذا استهزاء منهم بخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخبر المؤمنين. فقال تعالى في جوابهم: (ما ينظرون) أي: ما ينتظرون (إلا صيحة واحدة) يريد النفخة الأولى، عن ابن عباس، يعني أن القيامة تأتيهم بغتة (تأخذهم) الصيحة (وهم يخصمون) أي: يختصمون في أمورهم، ويتبايعون في الأسواق.
وفي الحديث: (تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتى تقوم، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم) وقيل: وهم يختصمون هل ينزل بهم العذاب، أم لا (فلا يستطيعون توصية) يعني أن الساعة إذا أخذتهم بغتة، لم يقدروا على الإيصاء بشئ (ولا إلى أهلهم يرجعون) أي: ولا إلى منازلهم يرجعون من الأسواق. وهذا إخبار عما يلقونه في النفخة الأولى عند قيام الساعة.
(ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون (51) قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون (52) إن كانت إلا صيحة وحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون (53) فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون (54) إن أصحب الجنة اليوم