ولعلكم تعقلون (67) هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (68) ألم تر إلى الذين يجدلون فئ آيات الله أنى يصرفون (69) الذين كذبوا بالكتب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون (70)).
المعنى: ثم خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (قل) يا محمد لكفار قومك (إني نهيت) أي: نهاني الله (أن أعبد الذين تدعون من دون الله) أي: أوجه العبادة إلى من تدعونه من دون الله من الأصنام التي تجعلونها آلهة (لما جاءني البينات من ربي) أي: حين أتاني الحجج والبراهين من جهة الله تعالى، دلتني على ذلك.
(وأمرت) مع ذلك (أن أسلم لرب العالمين) أي: أستسلم لأمر رب العالمين الذي يملك تدبير الخلائق أجمعين.
ثم عاد إلى ذكر الأدلة فقال: (هو الذي خلقكم) معاشر البشر (من تراب) أي: خلق أباكم آدم من تراب، وأنتم نسله، واليه تنتمون (ثم من نطفة) أي: ثم أنشأ من ذلك الأصل الذي خلقه من تراب النطفة: وهي ماء الرجل والمرأة. (ثم من علقة) وهي قطعة من الدم (ثم يخرجكم طفلا) أي: أطفالا واحدا واحدا، فلذلك ذكره بالتوحيد. قال يونس: العرب تجعل الطفل للواحد والجماعة. قال الله تعالى (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) والمعنى: ثم يقلبكم أطوارا إلى أن يخرجكم من أرحام الأمهات أطفالا صغارا.
(ثم لتبلغوا أشدكم) وهو حال استكمال القوة. وهذا يحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله (ثم يخرجكم طفلا لتنشأوا وتشبوا ثم لتبلغوا أشدكم). ويحتمل أن يكون معطوفا على معنى قوله (يخرجكم طفلا) والتقدير لطفوليتكم. ثم لتبلغوا أشدكم.
(ثم لتكونوا شيوخا) بعد ذلك (ومنكم من يتوفى من قبل) أي: من قبل أن يصير شيخا، ومن قبل أن يبلغ أشده (ولتبلغوا أجلا مسمى) أي: وليبلغ كل واحد منكم ما سمي له من الأجل الذي يموت عنده. وقيل: هذا للقرن الذي تقوم عليهم القيامة. والأجل المسمى هو القيامة، عن الحسن. (ولعلكم تعقلون) أي:
خلقكم لهذه الأغراض التي ذكرها، ولكي تتفكروا في ذلك فتعقلوا ما أنعم الله به