الدنيا، فإن جهنم محيطة بهم أي: جامعة لهم، وهم معذبون فيها لا محالة. (يوم يغشاهم العذاب من فوقهم رمن تحت أرجلهم) يعني: أن العذاب يحيط بهم، لا أنه يصل إلى موضع منهم دون موضع، فلا يبقى جزء منهم إلا وهو معذب في النار، عن الحسن. وهذا كقوله: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش). (ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون) أي: جزاء أعمالكم وأفعالكم القبيحة.
(يا عبادي الذين آمنوا إن أرضى وسعة فإياي فاعبدون (56) كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون (57) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوأنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهر خالدين فيها نعم أجر العملين (58) الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون (59) وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم (60).
القراءة: قرأ (يرجعون) بالياء: يحيى عن أبي بكر وهشام. والباقون بالتاء.
وقرأ أهل الكوفة، غير عاصم: (لنثوينهم) بالثاء. والباقون: (لنبوئنهم) بالباء.
الحجة: قال أبو علي: أما يرجعون بالياء فلأن الذي قبله على لفظ الغيبة، وترجعون على أنه انتقل من الغيبة إلى الخطاب مثل (إياك نعبد) بعد قوله (الحمد لله). وحجة من قرأ لنبوئنهم بالباء قوله: (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوء صدق) و (إذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت) وتكون اللام هنا زائدة كزيادتها في قوله (ردف لكم).
ويجوز أن يكون بوأنا لدعاء إبراهيم عليه السلام، ويكون المفعول محذوفا أي: بوأنا لدعائه ناسا مكان البيت. ومن قرأ (لنثوينهم) فحجته قوله (وما كنت ثاويا في أهل مدين) أي: مقيما نازلا فيهم. قال الأعشى:
أثوى وقصر ليله ليزودا، ومضى وأخلف من قتيلة موعدا وقال حسان: (ثوى في قريش بضع عشرة حجة) أي: أقام فيهم. فإذا تعدى بحرف جر فزيدت عليه الهمزة، وجب أن يتعدى إلى المفعول الثاني بحرف جر،