إنما) بكسر الألف. والباقون. (أنما) بالفتح.
الحجة: قال أبو علي: في إلحاق همزة الاستفهام في قوله: (اتخذناهم سخريا) بعض البعد، لأنهم قد علموا أنهم اتخذوهم سخريا. وكيف يستقيم أن يستفهم عنه، ويدل على علمهم بذلك، أنه قد أخبر عنهم بذلك في قوله:
(فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري). فالجملة التي هي (اتخذناهم سخريا) صفة للنكرة.
فأما وجه فتح الهمزة، فإنه يكون على التقرير وعودلت بأم، لأنها على لفظ الاستفهام، كما عودلت بأم في قوله: (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم) وإن لم يكن استفهاما في المعنى. وكذلك قولهم: ما أبالي أزيدا ضربت أم عمرا. فإن قلت: فما الجملة المعادلة بقوله (أم زاغت عنهم الابصار) في قول من كسر الهمزة في قوله (اتخذناهم)؟ فالقول فيه: إن الجملة المعادلة لام محذوفة، والمعنى: أتراهم أم زاغت عنهم الابصار. وكذلك قوله: (أم كان من الغائبين).
لان المعنى أخبروني عن الهدهد أحاضر هو أم كان من الغائبين، هذا قول أبي الحسن.
ويجوز عندي في قوله تعالى: (قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار أم من هو قانت آناء الليل) أن تكون المعادلة لام محذوفة تقديره أفأصحاب النار خير أم من هو قانت. وحكي عن أبي عمرو أنه قال: ما كان من مثل العبودية فسخري مضموم. وما كان من مثل الهزء فسخري مكسور السين، وقد تقدم ذكر هذا. قال ابن جني: من قرأ (إنما) فعلى الحكاية، فكأنه قال: إن يقال لي إلا إنما أنا نذير مبين، وهذا كما تقول لصاحبك: أنت قلت إنك شجاع، ونحو ذلك قول الشاعر:
تنادوا بالرحيل غدا، وفي ترحالهم نفسي (1) قال: وأجاز أبو علي ثلاثة أضرب منا الاعراب بالرحيل والرحيل والرحيل، رفعا ونصبا وجرا. فمع رفع أو نصب فقد وفى الحكاية اللفظ المقول البتة، فكأنهم قالوا: الرحيل غدا. فأما الجر فعلى إعمال الباء فيه، وهو معنى ما قالوه. ولكن حكيت منه قولك غدا وحده، وهو خبر المبتدأ، أو في موضع رفع، لأنه خبر