تؤفكون) أي: فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره، مع وضوح الدلالة على توحيده.
ثم قال سبحانه: (كذلك) أي: مثل ما صرف، وأفك هؤلاء (يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون) وهم من تقدمهم من الكفار، صرفهم أكابرهم ورؤساؤهم. ثم عاد سبحانه إلى ذكر الأدلة على توحيده فقال: (الله الذي جعل لكم الأرض قرارا) أي: مستقرا تستقرون عليه (والسماء بناء) أي: وجعل السماء بناء مرتفعا فوقها، ولو جعلها رتقا لما أمكن الخلق الانتفاع بما بينهما.
ثم قال: (وصوركم فأحسن صوركم) لأن صورة ابن آدم أحسن صور الحيوان. وقال ابن عباس: خلق ابن آدم قائما معتدلا، يأكل بيده، ويتناول بيده، وكل من خلقه الله يتناول بفيه. (ورزقكم من الطيبات) لأنه ليس شئ من الحيوان له طيبات المآكل والمشارب مثل ما خلق الله سبحانه لابن آدم، فإن أنواع الطيبات واللذات التي خلقها الله تعالى لهم، من الثمار، وفنون النبات، واللحوم، وغير ذلك ء مما لا يحصى كثرة.
ثم قال: (ذلكم الله ربكم) أي: فاعل هذه الأشياء خالقكم (فتبارك الله رب العالمين) أي: جل الله بأنه الدائم الثابت الذي لم يزل ولا يزال (هو الحي) معناه: إن الذي أنعم عليكم بهذه النعم، هو الحي على الإطلاق، من غير علة، ولا فاعل، ولا بنية (لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين) أي: مخلصين في دعائه وعبادته (الحمد لله رب العالمين) قال الفراء: وهو خبر، وفيه إضمار، كأنه قال: ادعوه واحمدوه على هذه النعم، وقولوا: الحمد لله رب العالمين. وروى مجاهد عن ابن عباس قال: من قال لا إله إلا الله، فليقل على أثرها: الحمد لله رب العالمين، يريد قول الله: (مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين).
(قل إني نهيت ان اعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربى وأمرت ان أسلم لرب العلمين (66) هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقمة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا اجلا مسمى