يستعجلون (176) فإذا نزل بساحتهم فسآء صباح المنذرين (177) وتول عنهم حتى حين (178) وأبصر فسوف يبصرون (179) سبحان ربك رب العزة عما يصفون (180) وسلم على المرسلين (181) والحمد لله رب العالمين (182).
المعنى: ثم أقسم سبحانه فقال: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) أي:
سبق الوعد منا لعبادنا الذين بعثناهم إلى الخلق (إنهم لهم المنصورون) في الدنيا والآخرة على الأعداء بالقهر والغلبة، وبالحجج الظاهرة. وقيل. معناه سبقت كلمتنا لهم بالسعادة. ثم ابتدأ فقال: (إنهم) أي: إن المرسلين (لهم المنصورون).
واللام للتأكيد. وهم فصل. وقيل: عنى بالكلمة قوله: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) الآية. وسميت جملة من الكلام بأنها كلمة، لانعقاد بعض معانيه ببعض، حتى صار خبرا واحدا، وقصة واحدة، كالشئ الواحد. قال الحسن. المراد بالآية نصرتهم في الحرب، فإنه لم يقتل نبي من الأنبياء قط في الحرب، وإنما قتل من قتل منهم غيلة، أو على وجه آخر في غير الحرب. وإن مات نبي قبل النصرة، أو قتل فقد أجرى الله تعالى العادة بأن ينصر قومه من بعده، فيكون في نصرة قومه نصرة له، فقد تحقق قوله. (إنهم لهم المنصورون). وقال السدي: المراد بالآية النصر بالحجة.
(وإن جندنا لهم الغالبون) أضاف المؤمنين إلى نفسه، ووصفهم بأنهم جنده، تشريفا وتنويها بذكرهم، حيث قاموا بنصرة دينه. وقيل. معناه إن رسلنا هم المنصورون لأنهم جندنا، وإن جندنا هم الغالبون يقهرون الكفار بالحجة تارة، وبالفعل أخرى ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم (فتول عنهم) أي: أعرض عن هؤلاء الكفار (حتى حين) أي: إلى وقت نأمرك فيه بقتالهم، يعني يوم بدر، عن مجاهد، والسدي. وقيل: إلى يوم الموت، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: إلى يوم القيامة. وقيل: إلى انقضاء مدة الإمهال (وأبصرهم فسوف يبصرون) أي:
انظرهم، وابصر ما ضيعوا من أمر الله، فسوف يرون العذاب، عن ابن زيد. وقيل:
وأبصرهم إذا نزل بهم العذاب، فسوف يبصرون. وقيل: وأبصر حالهم بقلبك، فسوف يبصرون ذلك في القيامة، معاينة. وفي هذا إخبار بالغيب، لأنه وعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالنصر والظفر، فوافق المخبر الخبر، وكأنهم قالوا: متى هذا العذاب