(وله من في السماوات والأرض كل له قانتون (26) وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (27) ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون (28) بل اتبع الذين ظلموا أهواء هم بغير علم فمن يهدى من أضل الله وما لهم من نصرين (29) فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (30).
الاعراب: (هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء): لكم الجار والمجرور في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ، والمبتدأ (من شركاء) ومن مزيدة. ومن في قوله:
(مما ملكت أيمانكم) تتعلق بما يتعلق به اللام. ويجوز أن يتعلق بمحذوف، ويكون في موضع نصب على الحال، والعامل في الحال ما يتعلق به اللام. (فأنتم فيه سواء): جملة في موضع نصب، لأنه جواب قوله (هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء) وتقديره: فتستووا. وقوله (تخافونهم) أي: تخافون أن يساووكم كخيفتكم مساواة بعضكم بعضا. (حنيفا): نصب على الحال. (فطرة الله): منصوب بمعنى اتبع فطرة الله، لأن معنى (فأقم وجهك للدين القيم): اتبع الدين القيم، فيكون بدلا من (وجهك) في المعنى.
المعنى: ثم قال سبحانه بعد أن ذكر الدلالات الدالة على توحيده: (وله من في السماوات والأرض) من العقلاء يملكهم، ويملك التصرف فيهم. وإنما خص العقلاء لأن ما عداهم في حكم التبع لهم. ثم أخبر سبحانه عن جميعهم فقال: (كل له قانتون) أي: كل له مطيعون في الحياة والبقاء، والموت والبعث، وإن عصوا في العبادة، عن ابن عباس. وهذا مفسر في سورة البقرة (وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده) أي: يخلقهم إنشاء، ويخترعهم ابتداء، ثم يعيدهم بعد الإفناء. فجعل سبحانه ما ظهر من ابتداء خلقه، دليلا على ما خفي من إعادته، استدلالا بالشاهد