المبتدأ، ولا يكون ظرفا لتنادوا، لان الفعل الماضي لا يعمل في الزمان الآتي. وإذا قال بالرحيل غدا، فإن غدا يجوز أن يكون لنفس الرحيل، ويجوز أن يكون ظرفا لفعل آخر نصب الرحيل أي: يحدث الرحيل غدا.
المعنى: ثم حكى سبحانه عن أهل النار بقوله: (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) أي: يقولون ذلك حين ينظرون في النار، فلا يرون من كان يخالفهم فيها معهم، وهم المؤمنون، عن الكلبي. وقيل: نزلت في أبي جهل، والوليد بن المغيرة، وذويهما، يقولون: ما لنا لا نرى عمارا وخبابا وصهيبا وبلالا، الذين كنا نعدهم في الدنيا من جملة الذين يفعلون الشر والقبيح، ولا يفعلون الخير، عن مجاهد. وروى العياشي بالاسناد، عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن أهل النار يقولون: ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار، يعنونكم لا يرونكم في النار، لا يرون والله أحدا منكم في النار.
(اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار) معناه: إنهم يقولون لما لم يروهم في النار: اتخذناهم هزؤا في الدنيا، فأخطأنا، أم عدلت عنهم أبصارنا، فلا نراهم، وهم معنا في النار. (إن ذلك لحق) أي: إن ما ذكر قبل هذا لحق أي:
كائن لا محالة.
ثم بين ما هو فقال: (تخاصم أهل النار) يعني تخاصم الاتباع والقادة، أو مجادلة أهل النار بعضهم لبعض، على ما أخبر عنهم. ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
(قل) يا محمد (إنما أنا منذر) أي: مخوف من معاصي الله، ومحذر من عقابه (وما من إله) يحق له العبادة (إلا الله الواحد القهار) لجميع خلقه المتعالي بسعة مقدوراته، فلا يقدر أحد على الخلاص من عقوبته، إذا أراد عقابه. (رب السماوات والأرض وما بينهما) من الإنس والجن وكل خلق (العزيز) الذي لا يغلبه شئ، ولا يمتنع منه شئ (الغفار) لذنوب عباده مع قدرته على عقابهم.
(قل) يا محمد (هو نبأ عظيم) اختلف فيه فقيل: يعني القرآن هو حديث عظيم، لأنه كلام الله المعجز ولان فيه أنباء الأوليين (أنتم عنه) أي: عن تدبره والعمل به (معرضون) عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي. وقيل: خير القيامة خبر عظيم، أنتم عنه معرضون أي: عن الاستعداد لها غافلون، وبها مكذبوه، عن الحسن. وقيل: معناه النبأ الذي أنبأتكم به عن الله، نبأ عظيم، عن الزجاج،