أي: ليرجعوا عنها في المستقبل. وقيل: معناه ليرجع من يأتي بعدهم عن المعاصي (قل) يا محمد (سيروا في الأرض) ليس بأمر ولكنه مبالغة في العظة. وروي عن ابن عباس أنه قال: من قرأ القرآن وعمله، سار في الأرض، لأن فيه أخبار الأمم.
(فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل) من الملوك العاتية، والقرون العاصية، كيف أهلكهم الله، وكيف صارت قصورهم قبورهم، ومحاضرهم مقابرهم، فلم يبق لهم عين ولا اثر.
ثم بين أنه فعل ذلك بهم لسوء صنيعهم فقال: (كان أكثرهم مشركين فأتم وجهك للدين القيم) أي: استقم للدين المستقيم بصاحبه إلى الجنة أي: لا تعدل عنه يمينا، ولا شمالا، فإنك متى فعلت ذلك أداك إلى الجنة، وهو مثل قوله (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم)، وقوله: (تتقلب فيه القلوب والابصار). (من قبل أن يأتي يوم لا مرد له) أي: لذلك اليوم، وهو يوم القيامة. (من الله) أي: لا يرده أحد من الله (يومئذ يصدعون) أي: يتفرقون فيه فريق في الجنة، وفريق في السعير، عن قتادة، وغيره. (من كفر فعليه كفره) أي: عقوبة كفره لا يعاقب أحد بذنبه.
(ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون) أي: يوطئون لأنفسهم منازلهم.
يقال: مهدت لنفسي خيرا أي: هيأته ووطأته. والمعنى: إن ثواب ذلك يصل إليهم، ويتمهد أحوالهم الحسنة عند الله. وهذا توسع يقول: من أصلح عمله، فكأنه فرش لنفسه في القبر والقيامة، وسوى مضجعه ومثواه. وروى منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العمل الصالح ليسبق صاحبه إلى الجنة، فيمهد له كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه. (ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله) أي: ليجزيهم على قدر استحقاقهم، ويزيدهم من فضله. وقيل: معناه بسبب فضله، لأنه خلقه وهداه ومكنه، وأزاح علته حتى استحق الثواب. وقيل من فضله يعني: فضلا من فضله، وثوابا لا ينقطع. (إنه لا يحب الكافرين) أي: لا يريد كرامتهم ومنفعتهم، وإنما يريد عقابهم جزاء على كفرهم.
(ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (46) ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى