جهنم) وهي سبعة أبواب (خالدين فيها) أي: مؤبدين فيها، لا انقطاع لكربكم فيها، ولا نهاية لعقابكم. وقيل: إنما جعل لجهنم أبواب كما جعل لها دركات، تشبيها بما يتصور الانسان في الدنيا من المطابق والسجون والمطامير (1). فان ذلك أهول، وأعظم في الزجر (فبئس مثوى المتكبرين) أي: بئس مقام الذين تكبروا عن عبادة الله تعالى، وتجبروا عن الانقياد له. وإنما أطلق عليه اسم بئس، وإن كان حسنا، لأن الطبع ينفر عنه، كما ينفر العقل عن القبيح. فحسن لهذه العلة اسم بئس عليه.
ثم قال سبحانه لنبيه عليه السلام: (فاصبر) يا محمد على أذى قومك لك، وتكذيبهم إياك. ومعناه: أثبت على الحق، فسماه صبرا للمشقة التي تلحق به، كما تلحق بتجرع المر. ولذلك لا يوصف أهل الجنة بالصبر، وإن وصفوا بالثبات على الحق، وإن كان في الوصف به في الدنيا فضل، ولكنهم يوصفون بالحلم، لأنه مدح ليس فيه صفة نقص. (إن وعد الله حق) معناه: إن ما وعد الله به المؤمنين على الصبر من الثواب في الجنة، حق لا شك فيه، بل هو كائن لا محالة. وقيل: إن وعد الله بالنصر لأنبيائه، والانتقام من أعدائه، حق وصدق، لا خلف فيه. (فاما نرينك بعض الذي نعدهم) من العذاب في حياتك. وإنما قال (بعض الذي نعدهم) لأن المعجل من عذابهم في الدنيا، هو بعض ما يستحقونه. (أو نتوفينك) قبل أن يحل بهم ذلك (فإلينا يرجعون) يوم القيامة، فتفعل بهم ما يستحقونه من العقاب، ولا يفوتوننا.
ثم زاد سبحانه في تسلية النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك) يا محمد (منهم من قصصنا عليك) قصصهم وأخبارهم (ومنهم من لم نقصص عليك) أخبارهم. وقيل: معناه منهم من تلونا عليك ذكره، ومنهم من لم نتل عليك ذكره.
وروي عن علي عليه السلام أنه قال: بعث الله نبيا أسود لم يقص علينا قصته. واختلفت الأخبار في عدد الأنبياء، فروي في بعضها أن عددهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا.
وفي بعضها أن عددهم ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف من بني إسرائيل، وأربعة آلاف من غيرهم.