فأما قوله: (وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا)، فيجوز في خالصة وجهان أحدهما: أن يكون مصدرا كالعاقبة والاخر: أن يكون وصفا. وكلا الوجهين يحتمل الآية. فيجوز أن يكون ما في بطون هذه الانعام ذات خلوص، ويجوز أن يكون الصفة، وأنت على المعنى، لأنه كثرة. والمراد به الأجنة والمضامين (1)، فيكون التأنيث على هذا.
ومن قرأ (الليسع): جعله اسما على صورة الصفات، كالحارث، والعباس، ألا ترى أن فيعلا مثل ضيغم وحيدر، كثير في الصفات. ووجه قراءة من قرأ (واليسع): أن الألف واللام قد يدخلان الكلمة على وجه الزيادة، كما حكى أبو الحسن الخمسة عشر درهما، قال:
ولقد جنيتك أكمؤا، وعساقلا، * ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (2) وبنات الأوبر: ضرب من الكمأة معرفة، فأدخل في المعرفة الألف واللام، على وجه الزيادة، فكذلك التي تكون في (اليسع). ومن قرأ (هذا ما توعدون) بالتاء، فعلى معنى قل للمتقين هذا ما توعدون. والياء على معنى (وإن للمتقين لحسن مآب) هذا ما يوعدون. والياء أعم لأنه يصلح أن يدخل فيه الغيب من الأنبياء. وأما في سورة ق فنحو هذا (وأزلفت الجنة للمتقين) هذا ما توعدون أيها المتقون على الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، أو على قل لهم: هذا ما توعدون.
والياء على إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما وعدوا، كأنه هذا ما يوعدون أيها النبي.
ومن قرأ (أولي الأيد) بغير ياء، فإنه يحتمل أن يكون أراد الأيدي، فحذف الياء تخفيفا، كقوله: (يوم يدع الداع)، ونحو ذلك، ويحتمل أن يكون أراد بالأيد القوة في طاعة الله، ويدل عليه أنه مقرون بالابصار أي المبصر بما يحظي عند الله.
وعلى هذا فالأيدي هنا إنما هي جمع اليد التي هي القوة، لا التي هي الجارحة، ولا النعمة، لكنه كقولك: له يد في الطاعة.
الاعراب: قال الزجاج: جنات بدل من حسن مآب. (مفتحة لهم الأبواب) أي: مفتحة لهم الأبواب منها. وقال بعضهم: مفتحة لهم أبوابها، والمعنى واحد.