(إليه يصعد الكلم الطيب) والكلم: جمع الكلمة. يقال: هذا كلم، وهذه كلم، فيذكر ويؤنث، وكل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء، يجوز فيه التذكير والتأنيث. ومعنى الصعود ههنا: القبول من صاحبه، والإثابة عليه، وكلما يتقبله الله سبحانه من الطاعات يوصف بالرفع والصعود، لأن الملائكة يكتبون أعمال بني آدم، ويرفعونها إلى حيث شاء الله تعالى، وهذا كقوله (إن كتاب الأبرار لفي عليين).
وقيل معنى إليه. يصعد إلى سمائه، وإلى حيث لا يملك الحكم سواه، فجعل صعوده إلى سمائه صعودا إليه تعالى، كما يقال: ارتفع أمرهم إلى السلطان. والكلم الطيب؟ الكلمات الحسنة من التعظيم والتقديس، وأحسن الكلم لا إله إلا الله.
(والعمل الصالح يرفعه) قيل فيه وجوه أحدها. العمل الصالح يرفع الكلم الطيب إلى الله، فالهاء من (يرفعه) يعود إلى (الكلم)، وهو معنى قول الحسن والثاني. على القلب من الأول أي: والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب، والمعنى.
إن العمل الصالح لا ينفع إلا إذا صدر عن التوحيد، عن ابن عباس والثالث: إن المعنى العمل الصالح يرفعه الله لصاحبه أي: يقبله، عن قتادة. وعلى هذا فيكون ابتداء إخبار لا يتعلق بما قبله.
ثم ذكر سبحانه من لا يوحد الله سبحانه فقال. (والذين يمكرون السيئات) أي: يعملون السيئات، عن الكلبي. وقيل: يمكرون أي يشركون بالله. وقيل:
يعني الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دار الندوة، عن أبي العالية، وهو قوله (وإذ يمكر بك الذين كفروا) الآية. (لهم عذاب شديد) في الآخرة. ثم أخبر سبحانه أن مكرهم يبطل فقال: (ومكر أولئك هو يبور) أي: يفسد ويهلك، ولا يكون شيئا، ولا ينفذ فيما أرادوه.
(والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزوجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتب إن ذلك على الله يسير (11) وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (12) يولج الليل في