عن علي عليه السلام، وابن عباس، واختاره الجبائي. وثانيها: إن موسى كان حييا ستيرا يغتسل وحده، فقالوا ما يستتر منا إلا لعيب بجلده إما برص، وإما أدرة. فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر، فمر الحجر بثوبه، فطلبه موسى فرآه بنو إسرائيل عريانا، كأحسن الرجال خلقا، فبرأه الله مما قالوا، رواه أبو هريرة مرفوعا. وقال قوم: إن ذلك لا يجوز لأن فيه إشهار النبي، وإبداء سوأته على رؤوس الأشهاد، وذلك ينفر عنه وثالثها: إن قارون استأجر مومسة (1) لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ، فعصمه الله تعالى من ذلك، على ما مر ذكره عن أبي العالية. ورابعها:
إنهم آذوه من حيث إنهم نسبوه إلى السحر والجنون والكذب، بعد ما رأوا الآيات، عن أبي مسلم (وكان عند الله وجيها) أي: عظيم القدر، رفيع المنزلة، يقال: وجه وجاهة فهو وجيه إذا كان ذا جاه وقدر. قال ابن عباس: كان عند الله خطيرا لا يسأله شيئا إلا أعطاه.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعملكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله، فقد فاز فوزا عظيما (71) إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا (72) ليعذب الله المنفقين والمنفقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما (73).
المعنى: ثم أمر الله سبحانه أهل الإيمان والتوحيد بالتقوى، والقول السديد، فقال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) أي: اتقوا عقاب الله باجتناب معاصيه، وفعل واجباته (وقولوا قولا سديدا) أي: صوابا بريئا من الفساد، خالصا من شائقة الكذب واللغو، موافق للظاهر وللباطن. وقال الحسن وعكرمة: صادقا يعني كلمة التوحيد لا إله إلا الله. وقال مقاتل: هذا يتصل بالنهي عن الإيذاء أي: قولوا قولا صوابا، ولا تنسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ما لا يجمل، ولا يليق به (يصلح لكم أعمالكم)