منه. (انا أنزلنا إليك الكتاب بالحق) أي: لم ننزله باطلا بغير غرض. وقيل: معناه بالأمر الحق أي: بالدين الصحيح (فاعبد الله) أي: توجه بعبادتك إلى الله وحده (مخلصا له الدين) من شرك الأوثان والأصنام، والإخلاص أن يقصد العبد بنيته وعمله إلى خالقه، لا يجعل ذلك لغرض الدنيا (ألا لله الدين الخالص) والخالص هو الذي لا يشوبه الرياء والسمعة، ولا وجه من وجوه الدنيا. والدين الخالص:
الاسلام، عن الحسن. وقيل: هو شهادة أن لا إله إلا الله، عن قتادة. وقيل: معناه ألا لله الطاعة بالعبادة التي يستحق بها الجزاء، فهذا لله وحده، لا يجوز أن يكون لغيره. وقيل: هو الاعتقاد الواجب في التوحيد، والعدل، والنبوة، والشرائع، والإقرار بها، والعمل بموجبها، والبراءة من كل دين سواها. فهذا تفصيل قول الحسن أنه الاسلام.
(والذين اتخذوا من دونه أولياء) أي: زعموا أن لهم من دون الله مالكا يملكهم. وههنا حذف يدل الكلام عليه أي: يقولون (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) أي: ليشفعوا لنا إلى الله. والزلفى: القربى، وهو اسم أقيم مقام المصدر.
(إن الله يحكم بينهم) يوم القيامة (فيما هم فيه يختلفون) من أمور الدين، فيعاقب كلا منهم على قدر استحقاقه. (إن الله لا يهدي) إلى طريق الجنة، أو لا يحكم بهدايته إلى الحق (من هو كاذب) على الله، وعلى رسوله (كفار) بما أنعم الله عليه، جاحد لإخلاص العبادة لله، ولم يرد به الهداية إلى الإيمان، لقوله سبحانه:
(وأما ثمود فهديناهم).
(لو أراد الله أن يتخذ ولدا) على ما يقوله هؤلاء من أن الملائكة بنات الله، أو ما يقوله النصارى من أن المسيح ابن الله، أو اليهود أن عزيرا ابن الله (لاصطفى) أي: لاختار (مما يخلق ما يشاء) أي: ما كان يتخذ الولد باختيارهم حتى يضيفوا إليه من شاؤوا، بل كان يختص من خلقه ما يشاء لذلك، لأنه غير ممنوع من مراده.
ومثله قوله: (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا).
ثم أخبر سبحانه أنه منزه عن اتخاذ الأولاد، بقوله: (سبحانه) أي: تنزيها له عن ذلك (هو الله الواحد) لا شريك له، ولا صاحبة، ولا ولد (القهار) لخلقه بالموت، وهو حي لا يموت. ثم نبه سبحانه على كمال قدرته، فقال: (خلق السماوات والأرض بالحق) أي: لم يخلقهما باطلا لغير غرض، بل خلقهما للغرض