أي: فأنجينا نوحا من ذلك الطوفان، والذين ركبوا معه في السفينة من المؤمنين به (وجعلناها) أي: وجعلنا السفينة (1) (آية للعالمين) أي: علامة للخلائق أجمعين يعتبرون بها يوم القيامة، لأنها فرقت بين المؤمنين والكافرين، والأبرار والفجار، وهي دلالة للخلق على صدق نوح، وكفر قومه.
النظم: إنما اتصل قوله: (وقال الذين كفروا) بما تقدمه من ذكر المنافقين، فإنه سبحانه لما بين حالهم عند إيراد الشبهة عليهم، بين في هذه الآية أن من الواجب أن لا يغتر المؤمنون بما يورده أهل الكفر عليهم من الشبه الفاسدة. وقد ذكر في اتصال قصة نوح بما قبلها وجوه أحدها: إنه لما قال (فتنا الذين من قبلهم) فصل ذلك، فبدأ بقصة نوح، ثم بما يليها وثانيها: إنه لما ذكر حال المجاهد الصابر، وحال من كان بخلافه، ذكر قصة نوح وصبره على أذى قومه وتكذيبهم تلك المدة الطويلة، ثم عقب ذلك بذكر غيره من الأنبياء وثالثها: إنه لما أمر ونهى، ووعد وأوعد على امتثال أوامره، وارتكاب نواهيه، أكد ذلك بقصص الأنبياء.
(فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين (15) وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (16) إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون (17) وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلغ المبين (18) أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير (19) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شئ قدير (20).