مقتحم معكم في النار، دخلوها كما دخلتم، عن ابن عباس. وقيل: يعني بالأول أولاد إبليس، وبالفوج الثاني بني آدم أي: يقال لبني إبليس بأمر الله تعالى هذا جمع من بني آدم مقتحم معكم، يدخلون النار وعذابها، وأنتم معهم، عن الحسن.
(لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار) أي: لا اتسعت لهم أماكنهم، لأنهم لا زموا النار، فيكون المعنى على القول الأول: إن القادة والرؤساء يقولون للاتباع: لا مرحبا بهؤلاء إنهم يدخلون النار مثلنا، فلا فرح لنا في مشاركتهم إيانا، فيقول الاتباع لهم:
(بل أنتم لا مرحبا بكم) أي: لا نلتم رحبا وسعة (أنتم قدمتموه لنا) أي: حملتمونا على الكفر الذي أوجب لنا هذا العذاب، ودعوتمونا إليه.
وأما على القول الثاني: إن أولاد إبليس يقولون: لا مرحبا بهؤلاء قد ضاقت أماكننا بهم، إذ كانت النار مملوءة منا، فليس لنا منهم إلا ضيق في شدة. وهذا كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن النار تضيق عليهم كضيق الزج بالرمح ".
(قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم) أي: يقول بنو آدم: بل لا كرامة لكم أنتم شرعتموه لنا، وزينتموه في نفوسنا. (فبئس القرار) الذي استقررنا عليه (قالوا ربنا من قدم لنا هذا) أي: يدعون عليهم بهذا إذا حصلوا في نار جهنم أي: من سبب لنا هذا العذاب، ودعانا إلى ما استوجبنا به ذلك. (فزده عذابا ضعفا) أي: مثلا مضاعفا إلى مثل ما يستحقه (في النار) أحد الضعفيين لكفرهم بالله، والضعف الاخر لدعائهم إيانا إلى الكفر.
(وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار (62) اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار (63) إن ذلك لحق تخاصم أهل النار (64) قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الوحد القهار (65) رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفر (66) قل هو نبأ عظيم (67) أنتم عنه معروضون (68) ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون (69) إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين (70)).
القراءة: قرأ أهل العراق، غير عاصم: (اتخذناهم) موصولة الهمزة.
والباقون: (اتخذناهم) بقطع الهمزة. وقرأ أهل المدينة، والكوفة، غير عاصم:
(سخريا) بضم السين. والباقون بكسرها. وقرأ أبو جعفر: (إن يوحى إلي إلا