بالبينات) أي: بالمعجزات الباهرات، والدلالات الظاهرات. (فكفروا) بها (فاخذهم الله) أي: أهلكهم عقوبة على كفرهم (إنه قوي) قادر على الانتقام منهم (شديد العقاب) أي: شديد عقابه.
ثم ذكر قصة موسى وفرعون، ليعتبروا بها، فقال: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) أي: بعثناه بحججنا ودلالاتنا. (وسلطان مبين) أي: حجة ظاهرة نحو قلب العصا حية، وفلق البحر (إلى فرعون وهامان وقارون) كان موسى رسولا إلى كافتهم إلا أنه خص فرعون، لأنه كان رئيسهم، وكان هامان وزيره، وقارون صاحب كنوزه، والباقون تبع لهم. وإنما عطف وبالسلطان على الآيات، لاختلاف اللفظين تأكيدا.
وقيل: المراد بالآيات حجج التوحيد، والعدل. وبالسلطان: المعجزات الدالة على نبوته. (فقالوا ساحر) أي: مموه (كذاب) فيما يدعو إليه (فلما جاءهم بالحق من عندنا) أي: فلما أتاهم موصى بالتوحيد، والدلالات عليه، من عندنا. وقيل: المراد بالدين الحق (قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم) أي: أمروا بقتل الذكور من قوم موسى، لئلا يكثر قومه، ولا يتقوى بهم، وباستبقاء نسائهم للخدمة. وهذا القتل غير القتل الأول، لأنه أمر بالقتل الأول، لئلا ينشأ منهم من يزول ملكه على يده، ثم ترك ذلك. فلما ظهر موسى، عاد إلى تلك العادة، فمنعهم الله عنه بإرسال الدم، والضفادع، والطوفان، والجراد، كما مضى ذكر ذلك. ثم أخبر سبحانه أن ما فعله من قتل الرجال، واستحياء النساء، لم ينفعه بقوله: (وما كيد الكافرين إلا في ضلال) أي: في ذهاب عن الحق، لا ينتفعون به. (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (26) وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب (27) وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم