السبيل) قيل فيه وجوه أحدها: تقطعون سبيل الولد باختياركم الرجال على النساء.
وثانيها: إنكم تقطعون الناس عن الأسفار بإتيان هذه الفاحشة، فإنهم كانوا يفعلون هذا الفعل بالمجتازين من ديارهم، وكانوا يرمون ابن السبيل بالحجارة بالحذف فأيهم أصابته كان أولى به، ويأخذون ماله، وينكحونه، ويغرمونه ثلاثة دراهم، وكان لهم قاض يقضي بذلك. وثانيها: إنهم كانوا يقطعون الطريق على الناس، كما يفعل قطاع الطريق في زماننا.
(وتأتون في ناديكم المنكر) قيل فيه أيضا وجوه أحدها: هو أنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء، عن ابن عباس، وروي عن الرضا عليه السلام. وثانيها: إنهم كانوا يأتون الرجال في مجالسهم، يرى بعضهم بعضا، عن مجاهد وثالثها: كانت مجالسهم تشتمل على أنواع من المناكير والقبائح، مثل الشتم، والسخف، والصفع، وحذف الأحجار، على من مر بهم، وضرب المعازف والمزامير، وكشف العورات، واللواط. قال الزجاج: وفي هذا إعلام أنه لا ينبغي أن يتعاشر الناس على المناكير، ولا أن يجتمعوا على المناهي. ولما أنكر لوط على قومه ما كانوا يأتونه من الفضائح، قالوا له استهزاء: ائتنا بعذاب الله وذلك قوله (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) وعند ذلك (قال) لوط (رب انصرني على القوم المفسدين) الذين فعلوا المعاصي، وارتكبوا القبائح، وأفسدوا في الأرض.
(ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين (31) قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (32) ولما أن جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين (33) إنا