بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب (28) يقوم لكم الملك اليوم ظهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد (29) وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب (30)).
القراءة: قرأ أهل المدينة، وأبو عمرو: (وأن يظهر) بغير ألف قبل الواو، و (يظهر) بضم الياء وكسر الهاء. (الفساد) بالنصب. وقرأ ابن كثير، وابن عامر (وأن يظهر) بفتح الياء، (الفساد) بالرفع. وقرأ أهل الكوفة غير عاصم، وأبو عمرو وإسماعيل عن نافع، وأبو جعفر (عذت) هنا وفي الدخان بإدغام الذال في التاء، وكذلك قوله: (فنبذتها) حيث كان. والباقون بالإظهار حيث كان.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ (أو أن يظهر) فالمعنى: إني أخاف هذا الضرب منه كما تقول: كل خبزا، أو تمرا، أي: هذا الضرب. ومن قرأ (وأن يظهر) فالمعنى: إني أخاف هذين الأمرين منه. ومن قرأ (يظهر في الأرض الفساد) فأسند الفعل إلى موسى، فلأنه أشبه بما تقدم من قوله (يبدل دينكم). ومن قرأ (وأن يظهر) فالمعنى: وأن يظهر الفساد في الأرض بمكانه، أو أراد أنه إذا بدل الدين ظهر الفساد بالتبديل. فاما الإدغام في (عذت)، فحسن لتقارب الحرفين.
والإظهار حسن لأن الذال ليست من حيز التاء، وإنما الذال والظاء والثاء من خز، والدال والتاء والطاء من حيز. إلا أنها كلها من طرف اللسان، وأصول الثنايا. فلذلك صارت متقاربة.
المعنى: (وقال فرعون ذروني أقتل موسى) أي: قال لقومه: أتركوني أقتله.
وفي هذا دلالة على أنه كان في خاصة فرعون قوم يشيرون عليه بان لا يقتل موسى، ويخوفونه بان يدعو ربه فيهلك، فلذلك قال: (وليدع ربه) أي: كما يقولون.
وقيل: إنهم قالوا له: هو ساحر، فإن قتله قبل ظهور الحجة، قويت الشبهة بمكانه، بل أرجه وأخاه، وابعث في المدائن حاشرين. وقوله (وليدع ربه) معناه:
وقولوا له ليدع ربه، وليستعن به في دفع القتل عنه، فإنه لا يجئ من دعائه شئ.
قاله تجبرا وعتوا وجرأة على الله.