ههنا تامة، إذ لو كانت ناقصة لكان (جميعا) خبرها. ولم يجز أن يكون حالا. وهذا كما قالوا في أخطب ما يكون الأمير قائما: إن التقدير إذا كان قائما، أو إذ كان قائما. وهذا بسرا أطيب منه تمرا: إن التقدير: هذا إذا كان بسرا أطيب منه إذا كان تمرا، ومثله قول الشاعر.
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا، * فمطلبها كهلا عليه شديد (1) أي: إذا كان كهلا، والمعنى: والأرض في حال اجتماعها قبضته. قال الإمام النحوي البصير قال أبو علي، في الحجة: إن التقدير والأرض ذات قبضته إذا كانت مجتمعة. وقال في الحلبيات: التقدير: والأرض مقبوضة إذا كانت مجتمعة. وقال:
فعلى التقدير الذي في الحجة، لا يتأتى إعمال قبضته في إذا، لأنه قدره ذات قبضته. والمضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، وعلى التقدير في الحلبيات:
يتأتى إعمال قبضته في إذا، لأنه بمعنى مفعول.
وأقول: إن المضاف إليه إذا أقيم مقام المضاف، بعد أن حذف المضاف، جاز أن يعمل عمل المضاف، كما أعرب بإعرابه، فارتفع بعد أن كان مجرورا في الأصل. فلما جاز أن يعمل المضاف فيما قبله، جاز لما قام مقامه أن يعمل فيما قبله، كما اكتسى إعرابه. وكيف يجوز أن يستتم ما ذكره هذا الجامع للعلوم على مثل أبي علي، مع أنه يشق الشعر في هذا الفن؟
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن أحوالهم، فقال: (وما قدروا الله حق قدره) أي: ما عظموا الله حق عظمته، إذ عبدوا غيره، وأمروا نبيه بعبادة غيره، عن الحسن، والسدي. قال المبرد: وأصله من قولك فلان عظيم القدر، يريد بذلك جلالته. والقدر: اختصاص الشئ بعظم، أو صغر، أو مساواة. وقيل: معناه وما وصفوا الله حق وصفه، إذ جحدوا البعث فوصفوه بأنه خلق الخلق عبثا، وأنه عاجز عن الإعادة والبعث.
(والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) والقبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك. أخبر سبحانه عن كمال قدرته، فذكر أن الأرض كلها مع عظمها في مقدوره كالشئ الذي يقبض عليه القابض بكفه، فيكون في قبضته. وهذا تفهيم لنا على