خفف بحذف الزاي الثانية، أو الأولى، كما قالوا في مسست، وظللت: مست وظلت. وأما قوله (فتناه)، فإنما هو فعلناه للمبالغة. وأما (فتناه) بتخفيف النون، فإن المراد بالتثنية هنا الملكان اللذان اختصما إليه أي: اختبراه.
اللغة: الخصم هو المدعي على غيره حقا من الحقوق، والمنازع له فيه، ويعبر به عن الواحد والاثنين والجماعة بلفظ واحد، لان أصله المصدر فيقال: رجل خصم، ورجلان خصم، ورجال خصم، يقال: خاصمته فخصمته أخصمه خصما.
والتسور: الإتيان من جهة السور، يقال: تسور فلان الدار إذا أتاها من جهة سورها.
والمحراب. مجلس الأشراف الذي يحارب دونه لشرف صاحبه، ومنه سمى المعملي محرابا، وموضع القبلة محرابا، وأشط الرجل في حكمه. إذا جار فهو مشط. وشط عليه في السوم يشط شططا قال:
ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي، * ويزعمن أن أودى بحقي باطلي (1) الاعراب: (إذ دخلوا): بدل من قوله (إذ تسوروا). وقيل: إن التسور في زمان غير زمان الدخول. (خصمان): خبر مبتدأ محذوف أي: نحن خصمان.
(وقليل ما هم): هم مبتدأ. وقليل خبره. وما زائدة. ويجوز أن يكون (ما) بمعنى الذي. وهم مبتدأ. والخبر محذوف أي: وقليل الذين هم كذلك.
المعنى: لما ذكر سبحانه أنه آتى داود الحكمة، وفصل الخطاب، عقبه بذكر من تخاصم إليه، فقال. (وهل أتاك) يا محمد (نبأ الخصم) أي: هل بلغك خبرهم، والمراد بالاستفهام هنا: الترغيب في الاستماع، والتنبيه على موضع إخلاله ببعض ما كان ينبغي أن يفعله. (إذ تسوروا المحراب) أي: حين صدوا إليه المحراب، وأتوه من أعلى سوره، وهو مصلاه. وإنما جمعهم لأنه أراد المدعي، والمدعى عليه، ومن معهما. وقد تعلق به من قال: إن أقل الجمع اثنان، وأجيب عن ذلك بأنه أراد الفريقين.
(إذ دخلوا على داود ففزع منهم) لدخولهم عليه في غير الوقت الذي يحضر فيه الخصوم من غير الباب الذي كان يدخل الخصوم منه، ولأنهم دخلوا عليه بغير إذنه. (قالوا لا تخف خصمان) أي: فقالوا لداود: نحن خصمان (بغى بعضنا على