إلا أن على تقدير العربية الأبواب منها أجود أن يجعل الألف واللام بدلا من الهاء والألف، لان معنى الألف واللام ليس من معنى الهاء والألف في شئ، لان الهاء والألف اسم، والألف واللام دخلتا للتعريف، ولا يبدل حرف جاء بمعنى من اسم، ولا ينوب عنه.
قال أبو علي: مفتحة صفة لجنات عدن. وفي مفتحة ضمير يعود إلى جنات.
والأبواب: بدل من ذلك الضمير، لأنك تقول: فتحت الجنان إذا فتحت أبوابها، فيكون من بدل البعض من الكل، نحو: ضربت زيدا رأسه. وفي القرآن: (وفتحت السماء فكانت أبوابا) وليس جنات عدنا معرفة، إذ ليس عدن بعلم، وإنما هو بمنزلة جنات إقامة. وقوله هذا خبر مبتدأ محذوف، تقديره: الامر هذا، ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر أي: هذا أمرهم.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم حديث الأنبياء، فقال: (واذكر) يا محمد لقومك وأمتك (عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب) ليقتدروا بهم في حميد أفعالهم، وكريم خلالهم، فيستحقوا بذلك حسن الثناء في الدنيا، وجزيل الثواب في العقبى، كما استحق أولئك. وإذا قرئ (عبدنا) فيكون التقدير: واذكر عبدنا إبراهيم، خصه بشرف الإضافة إلى نفسه، واذكر إسحاق ويعقوب، وصفهم جميعا فقال: (أولي الأيدي) أي: ذوي القوة على العبادة. (والابصار) الفقه في الدين، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ومعناه: أولي العلم والعمل. فالأيدي:
العمل، والابصار: العلم، عن أبي مسلم. وقيل أولي الأيدي: أولي النعم على عباد الله بالدعاء إلى الدين، والابصار جمع البصر، وهو العقل.
(إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار) أي: جعلناهم لنا خالصين بأن خلصت لهم ذكرى الدار. والخالصة بمعنى الخلوص. والذكرى بمعنى التذكير أي: خلص لهم تذكير الدار، وهو أنهم كانوا يتذكرونها بالتأهب لها، ويزهدون في الدنيا، كما هو عادة الأنبياء. وقيل: المراد بالدار الدنيا، عن الجبائي، وأبي مسلم أي:
خصصناهم بالذكر في الاعقاب من بين أهل الدنيا. (وإنهم عندنا) وبحسب ما سبق في علمنا (لمن المصطفين) للنبوة، وتحمل أعباء الرسالة (الأخيار): جمع خير، كالأموات: جمع ميت، وهو الذي يفعل الأفعال الكثيرة الحسنة. وقيل: هي جمع