عبد الله عليه السلام أن الله تعالى أحيى له أهله الذين كانوا ماتوا قبل البلية، وأحيا له أهله الذين ماتوا وهو في البلية. (رحمة منا) أي: فعلنا ذلك به لرحمتنا إياه، فيكون منصوبا بأنه مفعول له. ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر لما كانت الموهبة بمعنى الرحمة. (وذكرى لأولي الألباب) أي: ليتذكر ويعتبر به ذوو الألباب أي:
العقول، ويعرفوا حسن عاقبة الصبر فيصبروا، كما صبر. قالوا: إنه أطعم جميع أهل قرية سبعة أيام، وأمرهم بأن يحمدوا الله، ويشكروه. (وخذ بيدك ضغثا) وهو ملء الكف من الشماريخ، وما أشبه ذلك أي: وقلنا له ذلك، وذلك أنه حلف على امرأته لامر أنكره من قولها: لئن عوفي ليضربنها مائة جلدة. فقيل له: خذ ضغثا بعدد ما حلفت به. (فاضرب به) أي: واضربها به دفعة واحدة، فإنك إذا فعلت ذلك برت يمينك. (ولا تحنث) في يمينك، نهاه عن الحنث. وروي عن ابن عباس أنه قال: كان السبب في ذلك: أن إبليس لقيها في صورة طبيب، فدعته لمداواة أيوب عليه السلام، فقال: أداويه على أنه إذا برئ قال: أنت شفيتني لا أريد جزاء سواه.
قالت: نعم. فأشارت إلى أيوب بذلك، فحلف ليضربنها، وقيل: إنها كانت ذهبت في حاجة، فأبطأت في الرجوع، فضاق صدر المريض فحلف.
ثم أخبر سبحانه عن حال أيوب، وعظم منزلته، فقال: (إنا وجدناه صابرا) على البلاء الذي ابتليناه به (نعم البعد إنه أواب) أي: رجاع إلى الله، منقطع إليه.
وروى العياشي بإسناده: أن عباد المكي قال: قال لي سفيان الثوري: إني أرى لك من أبي عبد الله عليه السلام منزلة، فاسأله عن رجل زنى وهو مريض، فإن أقيم عليه الحد خافوا أن يموت، ما تقول فيه؟ فسألته فقال لي: هذه المسألة من تلقاء نفسك، أو أمرك بها انسان؟ فقلت: إن سفيان الثوري أمرني أن أسألك عنها. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتي برجل أحبن (1)، قد استسقى بطنه، وبدت عروق فخذيه، وقد زنى بامرأة مريضة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ، فضربه به ضربة، وضربها به ضربة، وخلى سبيلهما، وذلك قوله (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث).
(واذكر عبدنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولى الأيدي والابصار (45) إنا