المعنى: ثم عطف سبحانه على قصة داود عليه السلام حديث سليمان، فقال:
(ووهبنا لداود سليمان) أي: وهبناه له ولدا (نعم العبد) أي: نعم العبد سليمان (إنه أواب) أي: رجاع إلى الله تعالى في أمور دينه ابتغاء مرضاته (إذ عرض عليه) يجوز أن يتعلق إذ بنعم العبد أي: نعم العبد هو، حين عرض عليه. ويجوز أن يتعلق باذكر يا محمد المحذوف لدلالة الكلام عليه (بالعشي) أي: في آخر النهار بعد زوال الشمس (الصافنات) الخيل الواقفة على ثلاث قوائم، الواضعة طرف السنبك الرابع على الأرض (الجياد) السريعة المشي، الواسعة الخطو. قال مقاتل:
إنه وارث من أبيه ألف فرس، وكان أبوه قد أصاب ذلك من العمالقة. وقال الكلبي:
غزا سليمان دمشق ونصيبين، فأصاف ألف فرس. وقال الحسن: كانت خيلا خرجت من البحر لها أجنحة، وكان سليمان قد صلى الصلاة الأولى، وقعد على كرسيه، والخيل تعرض عليه، حتى غابت الشمس.
(فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي) والمراد بالخير الخيل هنا، فإن العرب تسمي الخيل الخير، عن قتادة، والسدي. فالمعنى: آثرت حب الخيل عن ذكر ربي، أي: على ذكر ربي. قال الفراء: كل من أحب شيئا فقد آثره. وفي قراءة ابن مسعود: (حب الخيل) وسمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم زيد الخيل: زيد الخير.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: " الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة ". وقيل معناه: حب المال، عن سعيد بن جبير. والخيل: مال. والخير بمعنى المال كثير في التنزيل، وقيل: إن هذه الخيل كانت شغلته عن صلاة العصر، حتى فات وقتها، عن علي عليه السلام، وقتادة والسدي. وفي روايات أصحابنا أنه فاته أول الوقت. وقال الجبائي: لم يفته الفرض، وإنما فاته نفل كان يفعله آخر النهار لاشتغاله بالخيل.
وقيل: إن ذكر ربي كناية عن كتاب الله التوراة، فالمعنى: إني أحببت الخيل عن كتاب الله، وكما أن ارتباط الخيل ممدوح في كتابنا، كذلك كان في كتابهم، عن أبي مسلم.
(حتى توارت بالحجاب) أي: غربت الشمس، عن ابن مسعود، وجماعة من المفسرين. وجاز وإن لم يجر للشمس ذكر، كما قال لبيد:
حتى إذا ألقت يدا في كافر، وأجن عورات الثغور ظلامها (1)